إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ} (103)

{ لاَ تُدْرِكُهُ الأبصار } البصرُ حاسةُ النظرِ ، وقد تطلق على العين من حيث أنها محلُّها ، وإدراكُ الشيءِ عبارةٌ عن الوصول إليه والإحاطةِ به أي لا تصِل إليه الأبصارُ ولا تُحيط به كما قال سعيد بن المسيِّب ، وقال عطاء : كلّتْ أبصارُ المخلوقين عن الإحاطة به فلا مُتمسَّك فيه لمنكري الرؤيةِ على الإطلاق . وقد روي عن ابن عباس ومقاتل رضي الله عنهم : لا تدركه الأبصارُ في الدنيا وهو يُرى في الآخرة { وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار } أي يحيطُ بها علمُه إذ لا تخفى عليه خافيةٌ { وَهُوَ اللطيف الخبير } فيدرك ما لا تدركه الأبصارُ ، ويجوز أن يكون تعليلاً للحُكمين السابقين على طريقة اللفِّ أي لا تدركه الأبصارُ لأنه اللطيفُ وهو يدرك الأبصارَ لأنه الخبيرُ فيكون اللطيفُ مستفاداً من مقابل الكثيفِ لما لا يُدرك بالحاسة ولا ينطبع فيها .