إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ} (22)

{ ثُمَّ أَدْبَرَ } أي تولَّى عن الطاعةِ أو انصرفَ عنِ المجلسِ { يسعى } أي يجتهدُ في معارضةِ الآيةِ أو أُريدَ ثم أقبلَ أي أنشأَ يسعَى فوضَع موضعَهُ أدبرَ تحاشياً عن وصفِه بالإقبالِ وقيلَ : أدبرَ هارباً من الثعبانِ فإنَّه رُويَ أنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ لَمَّا ألقَى العَصَا انقلبتْ ثُعباناً أشعرَ فاغراً فاهُ بين لَحْييهِ ثمانونَ ذراعاً وضعَ لحيَهُ الأسفلَ عَلى الأرضِ والأَعْلى على سُورِ القصرِ فتوجَّهَ نحوَ فرعونَ فهربَ وأحدثَ وانهزم الناسُ مزدحمينَ فماتَ منهُم خمسةٌ وعشرونَ ألفاً من قومِه وقيلَ : إنها حينَ انقلبتْ حيةً ارتفعتْ في السماءِ قدرَ ميلٍ ثمَّ انحطتْ مقبلةً نحوَ فرعونٍ وجعلتْ تقولُ : يا مُوسَى مُرنِي بما شئتَ ويقولُ فرعونُ : أنشدكَ بالذي أرسلكَ إلا أخذتَهُ فأخذَهُ فعادَ عصا ويأباهُ أنَّ ذلكَ كانَ قبلَ الإصرار على التكذيبِ والعصيانِ والتصدِّي للمعارضة كما يعربُ عنه قولُه تعالَى : { فَحَشَرَ } .