الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ} (17)

{ وَالْمَلَكُ } يعني الملائكة { عَلَى أَرْجَآئِهَآ } نواحيها وأقطارها ، بلغة هذيل واحدها رجاء وتثنيته رجوان { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } .

قال ابن عباس : ثمانية صفوف من الملائكة ، لا يعلم عددهم إلاّ الله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين ، فكانوا ثمانية " .

وأخبرنا الإمام أبو منصور الحمادي قال : حدّثنا الإمام أبو الوليد قال : حدّثنا جعفر قال : حدّثنا عليّ بن حجر قال : حدّثنا شريك عن سماك عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب في قوله سبحانه : { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } قال : ثمانية أملاك على صورة الأوعال . وفي الحديث : " إن لكلّ ملك منهم أربعة أوجه : وجه رجل ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر " .

وقيل : أنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أمية بن أبي الصلت :

رجل وثور تحت رجل يمينه *** والنسر للأُخرى وليث مرصد

والشمس تصبح كل آخر ليلة *** حمراء تصبح لونها يتورّد

تأبى فما تطلع لنا في رسلها *** إلاّ معذّبة وإلاّ تجلّد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق " .

وروى عن عليّ بن الحسن أنه قال : إنّ الله سبحانه خلق العرش رابعاً لم يخلق قبله إلاّ ثلاثة أشياء : الهواء ، والقلم ، والنور ، ثمّ خلق من ألوان أنوار مختلفة ، من ذلك نور أخضر منه اخضرت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ، ونور أحمر منه احمرت الحمرة ، ونور أبيض فهو نور الأنوار ، ومنه ضوء النهار ثمّ جعله سبعين ألف ألف ألف طبق ليس من ذلك طبق إلاّ يسبّح بحمده ويقدّسه بأصوات مختلفة لو أذن للسان منها أن تسمع لهدم الجبال والقصور ولخسف البحار .