الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ} (17)

يريد : والخلق الذي يقال له الملك ، وردّ إليه الضمير مجموعاً في قوله : { فَوْقَهُمُ } على المعنى :

فإن قلت : ما الفرق بين قوله : { والملك } ، وبين أن يقال ( والملائكة ) ؟ قلت : الملك أعمّ من الملائكة ، ألا ترى أن قولك : ما من ملك إلا وهو شاهد ، أعم من قولك : ما من ملائكة { على أَرْجَآئِهَا } على جوانبها : الواحد رجا مقصور ، يعني : أنها تنشق ، وهي مسكن الملائكة ، فينضوون إلى أطرافها وما حولها من حافاتها { ثمانية } أي : ثمانية منهم . وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " هم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فيكونون ثمانية " وروي : ثمانية أملاك : أرجلهم في تخوم الأرض السابعة ، والعرش فوق رؤوسهم ، وهم مطرقون مسبحون . وقيل : بعضهم على صورة الإنسان ، وبعضهم على صورة الأسد ، وبعضهم على صورة الثور ، وبعضهم على صورة النسر . وروي : ثمانية أملاك في خلق الأوعال ، ما بين أظلافها إلى ركبها : مسيرة سبعين عاماً . وعن شهر بن حوشب : أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ؛ وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على حلمك بعد علمك وعن الحسن : الله أعلم كم هم ، أثمانية أم ثمانية آلاف ؟ وعن الضحاك : ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله . ويجوز أن تكون الثمانية من الروح ، أو من خلق آخر ، فهو القادر على كل خلق ، { سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون } [ يس : 36 ] .