فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ} (17)

{ والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ( 17 ) }

{ والملك على أرجائها } أي جنس الملك واقفون على أطرافها وجوانبها التي لم تسقط وهؤلاء من جملة المستثنى بقوله { إلا من شاء الله } وقال القاضي لعل هلاك الملائكة أثر وقيل يحيون بالنفخة الثانية ويقفون على أرجائها الباقية وهي جمع رجى مقصور وتثنيته رجوان مثل قفى وقفوان .

والمعنى أنها لما تشققت السماء وهي مساكنهم لجؤوا إلى أطرافها قال الضحاك إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت وتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب فينزلون إلى الأرض ويحيطون بها من عليها ، وقال سعيد بن جبير : المعنى والملك على حافات الدنيا أي ينزلون إلى الأرض وقيل إذا صارت السماء قطعا يقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها ، وقال ابن عباس : على حافاتها على ما لم يهي منها .

{ ويحمل عرش ربك فوقهم } أي فرق رؤوسهم { يومئذ } أي يوم القيامة { ثمانية } أي ثمانية أملاك وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل ، قاله ابن عباس ، وقيل ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة قاله الكلبي وغيره .

وقال ابن عباس : أيضا ثمانية أملاك صورة الأوعال رؤوسهم عند العرش في السماء السابعة وأقدامهم في الأرض السفلى ولهم قرون كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه خمسمائة عام ( {[1622]} ) ، واليوم تحمله أربعة .

وعن ابن مسعود قال ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وما بين كل سماء وأرض خمسمائة عام ، وفضاء كل سماء وأرض خمسمائة عام ، وما بين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وما بين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش على الماء ، والله على العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، أخرجه أبو سعيد الدارمي وابن خزيمة وغيرهما موقوفا على ابن مسعود وفي الباب أحاديث كثيرة وصحيحة ( {[1623]} ) .


[1622]:زاد المسير، 8/350.
[1623]:رواه الطبري من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو خبر مقطوع. ورواه الطبري أيضا من طريق ابن إسحاق قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" هم اليوم أربعة" يعني حملة العرش "فإذا كانوا يوم القيامة أمدّهم الله بأربعة آخرين فكانوا ثمانية" وقد قال الله"{ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} وهذا خبر مقطوع أيضا. قال ابن كثير: وقوله تعالى:{ويحمل عرش ربك فقوهم يومئذ ثمانية} أي: يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، قال: ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش، العرش العظيم، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء، والله أعلم بالصواب أ هـ.