وقوله : هُوَ الّذِي خَلَقَ السّمَواتِ والأرْضَ فِي سِتّةِ أيّامِ يقول تعالى ذكره : هو الذي أنشأ السموات السبع والأرضين ، فدبرهنّ وما فيهنّ ، ثم استوى على عرشه ، فارتفع عليه وعلا .
وقوله : يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الأرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها يقول تعالى ذكره مخبرا عن صفته ، وأنه لا يخفى عليه خافية من خلقه يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الأرْضِ من خلقه . يعني بقوله : يَلِجُ : يدخل وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السّماءِ إلى الأرض من شيء قطّ وَما يَعْرُجُ فِيها فيصعد إليها من الأرض وَهُوَ مَعَكُمْ أيْنَما كُنْتُمْ يقول : وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ، ويعلم أعمالكم ، ومتقلبكم ومثواكم ، وهو على عرشه فوق سمواته السبع وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير يقول : والله بأعمالكم التي تعملونها من حسن وسيىء ، وطاعة ومعصية ، ذو بصر ، وهو لها محص ، ليجازي المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته يَوْمَ تُجْزَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ .
{ هُوَ الذى خَلَقَ السماوات والأرض فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش } .
موقع هذه الجملة استنئاف كموقع جملة { هو الأول والآخر } [ الحديد : 3 ] الآية ، فهذا استئناف ثان مفيد الاستدلال على انفراده تعالى بالإِلهية ليقلعوا عن الإِشراك به .
ويفيد أيضاً بياناً لمضمون جملة { له ملك السموات والأرض } [ الحديد : 5 ] وجملة { وهو على كل شيء قدير } [ الحديد : 2 ] ، فإن الذي خلق السماوات والأرض قادر على عظيم الإِبداع .
والاستواءُ على العرش تمثيل للمُلك الذي في قوله : { له ملك السموات والأرض } [ الحديد : 2 ]
وهذا معنى اسمه تعالى : « الخالق » ، وتقدم قريب من هذه الآية في أوائل سورة الأعراف ( 11 ) .
{ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الارض وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السمآء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا }
استئناف لتقرير عموم علمه تعالى بكل شيء فكان بيانَ جملة { وهو على كل شيء قدير } [ الحديد : 2 ] وجملة { وهو بكل شيء عليم } [ الحديد : 3 ] جارياً على طريقة النشر لللف على الترتيب ، وتقدم نظير هذه الآية في سورة سبأ . فانظر ذلك .
{ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } .
عطف معنى خاص على معنى شمله وغيرَه لقصد الاهتمام بالمعطوف .
والمعيّة تمثيل كنائي عن العلم بجميع أحوالهم .
و { أين ما } ظرف مركب من ( أين ) وهي اسم للمكان ، و ( ما ) الزائدة للدلالة على تعميم الأمكنة .
وجملة { والله بما تعملون بصير } تكملة لمضمون { وهو معكم أين ما كنتم } ، وكان حقها أن لا تعطف وإنما عطفت ترجيحاً لجانب ما تحتوي عليه من الخبر عن هذه الصفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.