القول في تأويل قوله تعالى : { ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لّلّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ اللّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ } .
يقول تعالى ذكره : مَثّل الله مثلاً للذين كفروا من الناس وسائر الخلق امرأة نوح وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا ، وهما نوح ولوط فخانتاهما .
ذُكر أن خيانة امرأة نوح زوجها أنها كانت كافرة ، وكانت تقول للناس : إنه مجنون . وأن خيانة إمرأة لوط ، أن لوطا كان يُسِرّ الضيف ، وتَدُلّ عليه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سلمان بن قيس ، عن ابن عباس ، قوله : فَخانَتاهُما قال : كانت امرأة نوح تقول للناس : إنه مجنون . وكانت امرأة لوط تَدُلّ على الضيف .
حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عمر ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قيس ، قال : سمعت ابن عباس قال في هذه الاَية : أما امرأة نوح ، فكانت تخبر أنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط ، فكانت تَدُلّ على لوط .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي عامر الهمداني ، عن الضحاك كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صَالِحَيْنِ قال : ما بغت امرأة نبيّ قط فَخانَتاهُما قال : في الدين خانتاهما .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً للّذِينَ كَفَرُوا امْرأةَ نُوح وَامْرأةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صَالِحَيْنِ فَخانَتاهُما قال : كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما ، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، فكان ذلك من أمرها وأما امرأة لوط فكانت إذا ضاف لوطا أحد خبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء فَلَمْ يُغُنِيا عَنْهُما مِنَ اللّهِ شَيْئا .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن أبي سعيد ، أنه سمع عكرمة يقول في هذه الاَية فَخانَتاهُما قال : في الدين .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة ، في قوله كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صَالِحَيْنِ فَخانَتاهُما قال : وكانت خيانتهما أنهما كانتا مشركتين .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : عبيد بن سليمان ، عن الضحاك فَخانَتاهُما قال : كانتا مخالفتين دين النبيّ صلى الله عليه وسلم كافرتين بالله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، قال : سألت سعيد بن جبير : ما كانت خيانة امرأة لوط وامرأة نوح ؟ فقال : أما امرأة لوط ، فإنها كانت تدلّ على الأضياف وأما امرأة نوح فلا علم لي بها .
وقوله : فَلَمْ يُغْنيا عَنْهُما مِنَ اللّهِ شَيْئا يقول : فلم يغن نوح ولوط عن امرأتيهما من الله لما عاقبهما على خيانتهما أزواجهما شيئا ، ولم ينفعهما أن كانت أزواجهما أنبياء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلّذِينَ كَفَرُوا امْرأةَ نُوحٍ وامْرأةَ لُوط . . . الاَية ، هاتان زوجتا نَبِيّي الله لما عصتا ربهما ، لم يغن أزواجهما عنهما من الله شيئا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلّذِينَ كَفَرُوا امْرأةَ نُوحٍ وامْرأةَ لُوطٍ . . . الاَية ، قال : يقول الله : لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئا ، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون .
وقوله : وَقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ قال الله لهما يوم القيامة : ادخلا أيتها المرأتان نار جهنم مع الداخلين فيها .
واختلف الناس في خيانة هاتين المرأتين ، فقال ابن عباس وغيره : خانتا في الكفر ، وفي أن امرأة نوح كانت تقول للناس : إنه مجنون ، وأن امرأة لوط كانت تنم إلى قومه متى ورده ضيف فتخبر به ، وقال ابن عباس : وما بغت زوجة نبي قط ، ولا ابتلي الأنبياء في نسائهم بهذا ، وقال الحسن في كتاب النقاش : خانتاهما بالكفر والزنا وغيره ، وقرأ الجمهور : «يغنيا » بالياء ، وقرأ مبشر بن عبيد : «تغنيا » بالتاء من فوق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.