جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

وقوله : إذْ جاءَتُهُمْ الرّسُلُ مِنْ بَيْنِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ يقول : فقل : أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود التي أهلكتهم ، إذ جاءت عادا وثمود الرسل من بين أيديهم فقوله «إذ » من صلة صاعقة . وعنى بقوله : مِنْ بَينِ أيْدِيهِمْ الرسل التي أتت آباء الذين هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين . وعنى بقوله : وَمِنْ خَلْفِهِمْ : من خلف الرسل الذين بعثوا إلى آبائهم رسلاً إليهم ، وذلك أن الله بعث إلى عاد هودا ، فكذّبوه من بعد رسل قد كانت تقدمته إلى آبائهم أيضا ، فكذّبوهم ، فأهلكوا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فإن أعْرَضُوا . . . إلى قوله : وَمِنْ خَلْفِهِمْ قال : الرسل التي كانت قبل هود ، والرسل الذين كانوا بعده ، بعث الله قبله رسلاً ، وبعث من بعده رسلاً .

وقوله : ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ اللّهَ يقول تعالى ذكره : جاءتهم الرسل بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له ، قالوا : لَوْ شاءَ رَبّنا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً يقول جلّ ثناؤه : فقالوا لرسلهم إذ دعوهم إلى الإقرار بتوحيد الله : لو شاء ربنا أن نوحده ، ولا نعبد من دونه شيئا غيره ، لأنزل إلينا ملائكة من السماء رسلاً بما تدعوننا أنتم إليه ، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا ، ولكنه رضى عبادتنا ما نعبد ، فلذلك لم يرسل إلينا بالنهي عن ذلك ملائكة .

وقوله : فإنّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ يقول : قال لرسلهم : فإنا بالذي أرسلكم به ربكم إلينا جاحدون غير مصدّقين به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

{ إذ جاءتهم الرسل } حال من { صاعقة عاد } ، ولا يجوز جعله صفة ل { صاعقة } أو ظرفا ل { أنذرتكم } لفساد المعنى . { من بين أيديهم ومن خلفهم } أتوهم من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة ، أو من جهة الزمن الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار ، ومن جهة المستقبل بالتحذير عما أعد لهم في الآخرة ، وكل من اللفظين يحتملهما ، أو من قبلهم ومن بعدهم إذ قد بلغتهم خبر المتقدمين وأخبرهم هود وصالح عن المتأخرين داعين إلى الإيمان بهم أجمعين ، ويحتمل أن يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى : { يأتيها رزقها رغدا من كل مكان } . { ألا تعبدوا إلا الله } بأن لا تعبدوا أو أي لا تعبدوا . { قالوا لو شاء ربنا } إرسال الرسل . { لأنزل ملائكة } برسالته . { فإنا بما أرسلتم به } على زعمكم . { كافرون } إذ أنتم بشر مثلنا لا فضل لكم علينا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

وقوله : { من بين أيديهم } أي قد تقدموا في الزمن واتصلت نذارتهم إلى أعمار عاد وثمود ، وبهذا الاتصال قامت الحجة .

وقوله : { من خلفهم } أي جاءهم رسول بعد اكتمال أعمارهم وبعد تقدم وجودهم في الزمن ، فلذلك قال : { ومن خلفهم } وجاء من مجموع العبارة إقامة الحجة عليهم في أن الرسالة والنذارة عمَّتهم خبراً ومباشرة ، ولا يتوجه أن يجعل { ومن خلفهم } عبارة عما أتى بعدهم في الزمن ، لأن ذلك لا يلحقهم منه تقصير ، وأما الطبري فقال : الضمير في قوله : { ومن خلفهم } عائد على الرسل ، والضمير في قوله : { من بين أيديهم } على الأمم ، وتابعه الثعلبي ، وهذا غير قوي لأنه يفرق الضمائر ويشعب المعنى . و { أن } في قوله : { ألا تعبدوا } نصب على إسقاط الخافض ، التقدير : «بأن » . و { تعبدوا } مجزوم على النهي ، ويتوجه أن يكون منصوباً على أن تكون { لا } نافية ، وفيه بعد . وكان من تلك الأمم إنكار بعثة البشر واستدعاء الملائكة ، وهذه أيضاً كانت من مقالات قريش .

وقوله : { فإنا بما أرسلتم به } ليس على جهة الإقرار بأنهم أرسلوا بشيء ، وإنما معناه على زعمكم ودعواكم .