جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ يَأَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكّ مّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلََكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الّذِي يَتَوَفّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين عجبوا أن أوحيت إليك إن كنتم في شكّ أيها الناس من ديني الذي أدعوكم إليه فلم تعلموا أنه حقّ من عند الله : فإني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الاَلهة والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عني شيئا ، فتشكوا في صحته . وهذا تعريض ولحن من الكلام لطيف . وإنما معنى الكلام : إن كنتم في شكّ من ديني ، لا ينبغي لكم أن تشكوا فيه ، وإنما ينبغي لكم أن تشكوا في الذي أنتم عليه من عبادة الأصنام التي لا تعقل شيئا ولا تضرّ ولا تنفع ، فأما ديني فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه ، لأني أعبد الله الذي يقبض الخلق فيميتهم إذ شاء وينفعهم ويضرّ من يشاء وذلك أن عبادة من كان كذلك لا يستنكرها ذو فطرة صحيحة ، وأما عبادة الأوثان فينكرها كل ذي لبّ وعقل صحيح .

وقوله : وَلكِنْ أعْبُدُ اللّهَ الّذِي يَتَوَفّاكُمْ يقول : ولكن أعبد الله الذي يقبض أرواحكم فيميتكم عند آجالكم . وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُوءْمِنِينِ يقول : وهو الذي أمرني أن أكون من المصدّقين بما جاءني من عنده .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

{ قل يا أيها الناس } خطاب لأهل مكة . { إن كنتم في شك من ديني } وصحته . { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } فهذا خلاصة ديني اعتقادا وعملا فاعرضوها على العقل الصرف وانظروا فيها بعين الانصاف لتعلموا صحتها وهو أني لا اعبد ما تخلقونه وتعبدونه ، ولكن أعبد خالقكم الذي هو يوجدكم ويتوفاكم . وإنما خص التوفي بالذكر للتهديد . { وأُمرت أن أكون من المؤمنين } بما دل عليه العقل ونطق به الوحي ، وحذف الجار من أن يجوز أن يكون من المطرد مع أن وأن يكون من غيره كقوله :

أمرتُك الخير فافعل ما أُمرت به *** فقد تركتك ذا مال وذا نسبِ .