القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وَجاءَ إخْوةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ يوسف ، وَهُمْ ليوسف مُنْكِرونَ لا يعرفونه . وكان سبب مجيئهم يوسف فيما ذكر لي ، كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما اطمأنّ يوسف في ملكه ، وخرج من البلاء الذي كان فيه ، وخلت السنون المخصبة التي كان أمرهم بالإعداد فيها للسنين التي أخبرهم بها أنها كائنة ، جهد الناس في كلّ وجه ، وضربوا إلى مصر يلتمسون بها الميرة من كلّ بلدة . وكان يوسف حين رأى ما أصاب الناس من الجهد ، قد أسا بينهم ، وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرا واحدا ، ولا يحمل للرجل الواحد بعيرين ، تقسيطا بين الناس ، وتوسيعا عليهم ، فقدم إخوته فيمن قدم عليه من الناس يلتمسون الميرة من مصر ، فعرفهم وهم له منكرون ، لما أراد الله أن يبلّغ ليوسف عليه السلام ما أراد .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : أصاب الناس الجوع ، حتى أصاب بلاد يعقوب التي هو بها ، فبعث بنيه إلى مصر ، وأمسك أخا يوسف بنيامين فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون فلما نظر إليهم ، قال : أخبروني ما أمركم ، فإني أُنكِر شأنكم قالوا : نحن قوم من أرض الشأم . قال : فما جاء بكم ؟ قالوا : جئنا نمتار طعاما . قال : كذبتم ، أنتم عيون كم أنتم ؟ قالوا : عشرة . قال : أنتم عشرة آلاف ، كل رجل منكم أمير ألف ، فأخبروني خبرَكم قالوا : إنا إخوة بنو رجل صِدّيق ، وإنا كنا اثني عشر ، وكان أبونا يحبّ أخا لنا ، وإنه ذهب معنا البرية فهلك منا فيها ، وكان أحبنا إلى أبينا . قال : فإلى من سكن أبوكم بعده ؟ قالوا : إلى أخ لنا أصغر منه . قال : فكيف تخبروني أن أباكم صدّيق وهو يحبّ الصغير منكم دون الكبير ؟ ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه فإنْ لَمْ تَأَتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أباهُ وإنّا لَفاعِلُونَ قال : فضعوا بعضكم رهينة حتى ترجعوا فوضعوا شمعون .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ قال : لا يعرفونه .
{ وجاء إخوة يوسف } روي : أنه لما استوزره الملك أقام العدل واجتهد في تكثير الزراعات وضبط الغلات ، حتى دخلت السنون المجدبة وعم القحط مصر والشأم ونواحيهما ، وتوجه إليه الناس فباعها أولا بالدراهم والدنانير حتى لم يبق معهم شيء منها ، ثم بالحلي والجواهر ثم بالدواب ثم بالضياع والعقار ، ثم برقابهم حتى استرقهم جميعا ثم عرض الأمر على الملك فقال : الرأي رأيك فأعتقهم ورد عليهم أموالهم ، وكان قد أصاب كنعان ما أصاب سائر البلاد فأرسل يعقوب بنيه -غير بنيامين- إليه للميرة . { فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون } أي عرفهم يوسف ولم يعرفوه لطول العهد ومفارقتهم إياه في سن الحداثة ونسيانهم إياه ، وتوهمهم أنه هلك وبعد حاله التي رأوه عليها من حاله حين فارقوه وقلة تأملهم في حلاه من التهيب والاستعظام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.