قوله تعالى { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين }
اعلم أنه لما عم القحط في البلاد ، ووصل أيضا إلى البلدة التي كان يسكنها يعقوب عليه السلام وصعب الزمان عليهم فقال لبنيه إن بمصر رجلا صالحا يمير الناس فاذهبوا إليه بدراهمكم وخذوا الطعام فخرجوا إليه وهم عشرة ودخلوا على يوسف عليه السلام وصارت هذه الواقعة كالسبب في اجتماع يوسف عليه السلام مع إخوته وظهور صدق ما أخبر الله تعالى عنه في قوله ليوسف عليه السلام حال ما ألقوه في الجب { لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } وأخبر تعالى أن يوسف عرفهم وهم ما عرفوه البتة ، أما أنه عرفهم فلأنه تعالى كان قد أخبره في قوله : { لتنبئنهم بأمرهم } بأنهم يصلون إليه ويدخلون عليه ، وأيضا الرؤيا التي رآها كانت دليلا على أنهم يصلون إليه ، فلهذا السبب كان يوسف عليه السلام مترصدا لذلك الأمر ، وكان كل من وصل إلى بابه من البلاد البعيدة يتفحص عنهم ويتعرف أحوالهم ليعرف أن هؤلاء الواصلين هل هم إخوته أم لا فلما وصل إخوة يوسف إلى باب داره تفحص عن أحوالهم تفحصا ظهر له أنهم إخوته ، وأما أنهم ما عرفوه فلوجوه : الأول : أنه عليه السلام أمر حجابه بأن يوقفوهم من البعد وما كان يتكلم معهم إلا بالواسطة ومتى كان الأمر كذلك لا جرم أنهم لم يعرفوه لا سيما مهابة الملك وشدة الحاجة يوجبان كثرة الخوف ، وكل ذلك مما يمنع من التأمل التام الذي عنده يحصل العرفان . والثاني : هو أنهم حين ألقوه في الجب كان صغيرا ، ثم إنهم رأوه بعد وفور اللحية ، وتغير الزي والهيئة فإنهم رأوه جالسا على سريره ، وعليه ثياب الحرير ، وفي عنقه طوق من ذهب ، وعلى رأسه تاج من ذهب ، والقوم أيضا نسوا واقعة يوسف عليه السلام لطول المدة . فيقال : إن من وقت ما ألقوه في الجب إلى هذا الوقت كان قد مضى أربعون سنة ، وكل واحد من هذه الأسباب يمنع من حصول المعرفة ، لا سيما عند اجتماعها ، والثالث : أن حصول العرفان والتذكير بخلق الله تعالى ، فلعله تعالى ما خلق ذلك العرفان والتذكير في قلوبهم تحقيقا لما أخبره عنه بقوله : { لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } وكان ذلك من معجزات يوسف عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.