جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك ، وقد حكمت فيهم بالقسط حكم الجاهلية ، يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشرك ، وعندهم كتاب الله فيه بيان حقيقة الحكم الذي حكمت به فيهم ، وإنه الحقّ الذي لا يجوز خلافه . ثم قال تعالى ذكره موبخا لهؤلاء الذين أبوا قبول حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ولهم من اليهود ، ومستجهلاً فعلهم ذلك منهم : ومن هذا الذي هو أحسن حكما أيها اليهود من الله تعالى ذكره عند من كان يوقن بوحدانية الله ويقرّ بربوبيته ، يقول تعالى ذكره : أيّ حكم أحسن من حكم الله إن كنتم موقنين أن لكم ربا وكنتم أهل توحيد وإقرار به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : أفَحُكْمَ الجاهِلِيّةِ يَبْغُونَ قال : يهود .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أفَحُكْمَ الجاهِلِيّةِ يَبْغُونَ : يهود .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا شيخ ، عن مجاهد : أفَحُكْمَ الجاهِلِيّةِ يَبْغُونَ قال : يهود .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (50)

{ أفحكم الجاهلية يبغون } الذي هو الميل والمداهنة في الحكم ، والمراد بالجاهلية الملة الجاهلية التي هي متابعة الهوى . وقيل نزلت في بني قريظة والنضير طلبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى . وقرئ برفع الحكم على أنه مبتدأ ، و{ يبغون } خبره ، والراجع محذوف حذفه في الصلة في قوله تعالى : { أهذا الذي بعث الله رسولا } واستضعف ذلك في غير الشعر وقرئ أفحكم الجاهلية أي يبغون حاكما كحكام الجاهلية يحكم بحسب شهيتهم . وقرأ ابن عامر " تبغون " بالتاء على قل لهم أفحكم الجاهلية تبغون . { ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } أي عندهم ، واللام للبيان كما في قوله تعالى : { هيت لك } أي هذا الاستفهام لقوم يوقنون فإنهم هم الذين يتدبرون الأمور ويتحققون الأشياء بأنظارهم فيعلمون أن لا أحسن حكما من الله سبحانه وتعالى .