اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (50)

قوله تعالى : " أفَحُكْمَ " : الجمهور على ضمِّ الحاء ، وسُكُون الكَافِ ونَصْبِ الميم ، وهي قِرَاءَة واضِحَةٌ .

و " حُكْمَ " مَفْعُول مقدَّم ، و " يَبْغُون " فعل وفاعل ، وهو المْستفْهَم عَنْه في المَعْنَى .

و " الفَاء " فيها القَوْلان المشهوران : هل هي مُؤخَّرة عن الهَمْزة وأصلُهَا التَّقدِيم ، أو قَبْلَها جملة عَطَفَتْ ما بعدها عليها تقديره : أيعدِلُون عن حُكْمِكَ فَيَبْغُونَ حُكْمَ الجاهليَّة ؟

وقرأ{[11981]} ابن وثَّاب ، والأعْرج ، وأبو رجَاء ، وأبو عبد الرَّحمن برفع الميمِ ، وفيها وجهان :

أظهرهما - وهو المَشْهُور عند المُعربين - : أنه مُبْتَدأ ، و " يَبْغُون " خبره ، وعائِدُ المبتدأ محذُوفٌ تقديرُه : " يَبْغُونَهُ " حَمْلاً للخبر على الصِّلَة ، إلا أنَّ بعضهُم جَعَلَ هذه القِرَاءة خَطَأ ، حتى قال أبُو بكر بن مُجَاهِد : " هذه القراءةُ خَطَأ " ، وغيره يَجْعَلُهَا ضَعِيفَة ، ولا تَبْلُغ دَرَجَةَ الخَطَأ .

قال ابن جنِّي{[11982]} في قول ابن مُجاهد : لَيْس كذلك ، ولكنَّه وَجْهٌ غَيْرُه أقْوى منه ، وقد جَاءَ في الشِّعْر ، قال أبو النَّجْم : [ الرجز ]

قَدْ أصْبَحَتْ أمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي *** عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أصْنَعِ{[11983]}

أي : لم أصْنَعْهُ{[11984]} .

قال ابن عطيَّة{[11985]} : وهكذا الرِّواية ، وبها يَتِمُّ المَعْنى الصَّحِيح ؛ لأنَّه أراد التبَرُّؤ من جَمِيع الذُّنُوبِ ، ولو نَصب " كُل " لكان ظَاهِر قوله أنَّه صنع بَعْضَه ، وهذا الذي ذكره ابن عطيَّة معنى صَحيح نصَّ عليه أهل علم المعاني والبيان ، واستَشْهَدُوا على ذلك بقوله - عليه السلام - حين سأله ذُو اليَديْن ، فقال : " أقصرت الصَّلاةُ أمْ نَسِيتَ ؟ " فقال : " كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ " {[11986]} أراد - عليه السلام - انتفاء كلِّ فردٍ فردٍ ، وأفَادَ هذا المَعْنَى تقديم " كُلّ " ، قالوا : ولو قال : " لَمْ يَكُن كُلُّ ذَلِك " لاحتمل الكلام أنَّ البعض غير مَنْفِي ، وهذه المَسْألَةُ تُسَمَّى عموم السَّلْب ، وعكسها نحو : " لَمْ أصْنَع كلَّ ذلك " يُسمَّى سَلْبَ العُمُوم ، وهذه مسألة مُفِيدَةٌ ، وإن كان بَعْضُ النَّاسِ قد فَهِم عن سيبويه غير ما [ ذكرت لك ]{[11987]} .

ثُمَّ قال ابن عطيَّة{[11988]} : وهو قَبِيحٌ - يعني : حذف العَائِد من الخَبَرِ - وإنَّما يُحْذَف الضَّمِير كثيراً من الصِّلَةِ ، ويحذف أقَلّ مِنْ ذلك من الصِّفَة ، وحذْفُه من الخبر قَبِيحٌ .

ولكنَّه رجَّح البَيْتَ على هذه القِرَاءةِ بِوَجْهَيْنِ .

أحدهما : أنَّه ليس في صَدْرِ قوله [ ألِف ] استفهام تَطْلُب الفعل ، كما هي في " أفَحُكْمَ " .

والثاني : أن في البيت عِوَضاً من " الهَاء " المحذُوفَة ، وهو حَرْف الإطلاَق أعني " اليَاء " في " اصنَعِي " ، فتضعف قِرَاءة من قَرَأ " أفحكمُ الجاهلِيَّة يَبْغُونَ " ، وهذا الَّذي ذكره ابن عطيَّة في الوجهِ الثَّانِي كلام لا يُعْبَأ به .

وأمَّا الأوَّل فَقَرِيبٌ من الصَّواب ، لكنه لم يَنْهَضْ في المنع ولا في التَّقْبِيح ، وإنَّمَا يَنْهَضُ دليلاً على الأحْسَنِيّةِ ، أو على أنّ غَيْرَه [ أوْلى ]{[11989]} .

وهذه المسألَةُ ذكر بعضُهُم الخِلاف فيها بالنِّسْبَة إلى نَوْع ، ونفي الخِلاف عنها ، بل حكي الإجْمَاع على الجوازِ بالنِّسْبَة إلى نوع آخر ، فحكي الإجْمَاع فيما إذا كان المُبْتَدأ لفظ " كل " ، أو ما أشبَهَهَا في العُمُوم والافْتِقَار ، فأمَّا " كُل " فنحو : " كلُّ رَجُلٍ ضَرَبْت " ، ويقوِّيه قراءة{[11990]} ابن عَامِر : { وكُلٌّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى } [ النساء : 95 ] ويريد بما أشْبَه " كُلاًّ " نحو : " رَجُلٌ يَقُولُ الحَقَّ انْصُرْ " ، أي : انْصُرْهُ ، فإنه عامٌّ يفتَقِرُ إلى صِفَة ، كما أنَّ " كلاً " عامة ، وتَفْتَقِرُ إلى مُضَافٍ إلَيْه .

قال : " وإذا لم يكن المُبْتَدأ كذلك ، فالكُوفِيُّون يَمْنَعُون حذْفَ العَائِد ، بل يَنْصُبُون المتقدِّم مَفْعُولاً به ، والبصريُّون يُجِيزُون : " زَيْدٌ ضَرَبْتُ " أي : ضربْتُهُ " ، وذكر القراءة .

وتعالى بعضهم فقال : " لا يجُوزُ ذلك " ، وأطلق ، إلا في ضرورةِ شِعْر كقوله : [ السَّريع ]

وخَالِدٌ يَحْمَدُ سَادَاتُنَا *** بِالحَقِّ ، لا يُحْمَدُ بِالبَاطِلِ{[11991]}

قال : " لأنَّهُ يُؤدِّي إلى تَهْيِئَةِ العامل لِلْعَمَل ، وقطعه عَنْهُ " .

والوجه الثاني من التوجيهين المتقدِّمَيْن : أن يكون " يَبْغُون " ليس خبراً لِلْمُبْتَدأ ، بل هو صِفَةُ لموصُوفٍ محذُوفٍ ، وذلك المحذوفُ هو الخَبَرُ ، والتَّقْدير : " أفحكم الجاهلية حُكمٌ يَبْغُون " ، وحذفُ العَائِد هنا أكثر ، لأنه كما تقدَّم يكثر حذفُه من الصِّلة ، ودونَهُ من الصِّفَةِ ، ودونَهُ من الخَبَرِ ، وهذا ما اخْتَارَهُ ابن عطيَّة ، وهو تَخْرِيجٌ مُمْكن ، ونظَّرَهُ بقوله تعالى : { مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ } [ النساء : 46 ] ، أي : " قومٌ يُحَرِّفُون " يعني : في حذف موصوف ، وإقامة صِفَته مُقَامه وإلا فالمَحْذُوف في الآية المُنَظَّرِ بها مُبْتَدأ ، ونظَّرها أيْضاً بقوله : [ الطويل ]

وَمَا الدَّهْرُ إلاَّ تَارتَانِ : فَمِنْهُمَا *** أمُوتُ وأخْرى أبْتَغِي العَيشَ أكْدَحُ{[11992]}

أي : تارةً أمُوت فيها .

وقال الزَّمَخْشَرِي{[11993]} : وإسقاطُ الرَّاجع عنه كإسْقاطِهِ في الصِّلة ، كقوله : { أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً } [ الفرقان : 41 ] ، وعن الصِّفَةِ " في النَّاس رجلان : [ رجُلٌ ] أهنْتُ ، ورجُلٌ أكرمت " أي : رجل أهَنْتُهُ ورجل أكرمْتُه .

وعن الحال في نحو : " مررتُ بِهِنْد يَضْرِبُ زَيْدٌ " .

قال أبو حيَّان{[11994]} : " إنْ عنى التَّشْبيه في الحَذْفِ والحُسْن ، فليس كذلك لما تقدَّم [ ذكره ] ، وإن عنى في مُطْلَقِ الحَذف فَمُسَلَّم " .

وقرأ الأعمش{[11995]} وقتادة : " أفَحَكَمَ " بفتح الحَاء والكاف ، ونصب الميم ، وهو مفردٌ يُرَادُ به الجِنْس ؛ لأنَّ المعنى : أحُكَّامَ الجاهليَّة ، ولا بدَّ من حذفِ مُضافٍ في هذه القراءة ، هو المصرَّح به في المُتواتِرة تقديره : أفَحُكْمَ حُكَّامِ الجاهليَّة .

والقُرَّاءُ غير ابن عَامِرٍ على " يَبْغُونَ " بياء الغَيْبَةِ نَسَقاً على ما تقدَّم من الأسْمَاء الغَائِبَة ، وقرأ{[11996]} هو بِتَاءِ الخِطَاب على الالتِفَاتِ ؛ ليَكُون أبلغ في زَجْرِهِمْ وردْعِهِمْ ومُبَاكتتهِ لهم ، حيث واجهَهُم بهذا الاستفهام الذي يأنَفُ منه ذَوُو البَصَائِر .

والمعنى أنَّ هذا الحُكْم الذي يَبْغُونَه إنَّما يحكم به حُكَّام الجاهليَّة .

فصل

وفي الآية وجهان :

الأول : قال مُقَاتِل{[11997]} : " كان بَيْنَ قُرَيْظَة والنَّضِير دَمٌ في الجاهليَّة ، فلما بُعِثَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - واحتكَمُوا إليه ، فقال بَنُو قُرَيْظَة [ يا رسُول الله إن ]{[11998]} بني النَّضِير إخْوَانُنَا ، أبُونا واحِدٌ وكِتَابُنَا واحِدٌ ونبيُّنا واحد ، فإن قتل بنُو النَّضِير منَّا قَتِيلاً ، أعطونا سَبْعِين وَسقاً من تَمْرٍ ، وإنَّا إن قتلْنَا وَاحِداً أخَذُوا منَّا مائة وأربعين وسقاً ، وأرُوش جِرَاحَاتِنَا على النِّصْف من أرُوش جراحاتِهِم ، فاقضِ بَيْنَنا وبَيْنَهُم ، فقال - عليه السلام - : " وإنِّي أحْكُم [ أنَّ دِمَاء القرظي ]{[11999]} وفاءٌ من دم النَّضَري ، والنَّضَري وفاءٌ من دمِ القُرظِي ، ليْسَ لأحدهمَا فَضْل على الآخر في دم ولا عَقْلٍ ولا جراحةٍ " . فَغَضِبَ بنُو النَّضِير وقالُوا : لا نرضى بِحُكْمِكَ فإنَّك عَدُوٌّ{[12000]} لَنَا ، فَأنْزَل اللَّه تعالى هذه الآية .

وقيل : إنَّهُمْ كانوا إذا وَجَبَ الحكمُ على ضُعَفَائِهِم ألْزَمُوهُم إيَّاه ، وإذَا وجبَ على أقْوِيَائِهِم لم يَأخُذُوهُم به فَمَنعهم اللَّه من ذلِكَ بهذه الآية .

والثاني : أنَّهُم يَبْغُون حُكْمَ الجاهليَّة ، الَّتِي هي محضُ الجهل وصريح الهوى .

ثم قال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ، فقوله - سبحانه وتعالى - : " حُكْماً " نصب على التَّمْييزِ ، و " اللاَّم " في قوله تعالى : " لِقَوْم " فيها ثلاثةُ أوجُه :

أحدها : أن يتعلّق بنفس " حُكْماً " ؛ إذ المعنى : أنَّ حكم الله للمؤمن على الكَافِر .

والثاني : أنَّها للبيان فتتعلَّق بمحْذُوف ، كَهِي في " سقياً لَكَ " و " هَيْتَ لَكَ " ، وهو رأي الزَّمَخْشَرِي ، وابنُ عطيَّة قال شيئاً قَرِيباً منه ، وهو أنَّ المعنى : " يُبَيِّنُ ذلِكَ ويُظْهِره لِقَوْم " .

الثالث : أنَّها بمعنى " عِنْد " ، أي : عند [ قَوْمٍ ] ، وهذا لَيْسَ بِشَيْء . ومتعلَّقُ " يُوقِنُون " يجُوزُ أن يُرادَ ، وتقديرُه : يُوقِنُونَ باللَّهِ وبحُكْمهِ ، أو بالقُرْآن ، ويجُوزُ ألاَّ يُرَاد على مَعْنَى [ وقُوع الإيقان ]{[12001]} ، وإليه مَيْلُ الزَّجَّاج ، فإنَّهُ قال : " يُوقِنُون " : " يَتَبَيَّنُون عدل اللَّهِ في حُكْمِهِ " فإنَّهم [ هم الذين ]{[12002]} يَعْرِفُون أنَّه لا أحَد أعْدَل من اللَّهِ حُكْماً ، ولا أحْسَن مِنْهُ بَيَاناً .

فصل

قال القرطُبِيّ{[12003]} : روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة ، عن ابن أبِي نُجَيْح ، عن طَاوُوس قال : كان إذا سألُوه عن الرَّجُل يُفَضِّل بعض ولده على بَعْضِ يَقْرأ هذه الآية { أَفَحُكْم الجاهليَّة يبغُون } ، فكان طاووس يقول : لَيْس لأحدٍ أنْ يُفَضِّل بَعْضَ ولدِه على بعضٍ ، فإن فعل لا ينفذُ ويفسخ ، وبه قال أهْلُ الظَّاهِر ، وهو مَرْوِيٌّ عن أحْمد بن حَنْبَل - رضي الله عنه - ، وكرهه الثَّوْري ، وابن المُبَارَك وإسْحَاق فإن فَعلَ ذلك أحد نُفِّذَ ولم يُرَدّ ، وأجاز ذلك مَالِك والثَّوْرِي واللَّيْث والشَّافِعِي وأصحاب الرَّأي ، واستَدَلُّوا بِفِعْلِ الصِّدِّيق - رضي الله عنه - في نَخْلَةِ عائِشَةٍ دون سائر ولدِه ، واستدَلَّ الأوَّلُون بقوله - عليه الصلاة والسلام - لبَشِير : [ " ألَكَ ولدٌ سِوَى هذا " ؟ قال : نعم ، فقال " أكُلّهم وهَبْتَ لهُ مِثْلَ هذا " ، فقال : لا ، قال ]{[12004]} " فلا تُشهدْني إذَنْ فإنِّي لا أشْهَدُ على جَوْرٍ " ، وفي رِوَاية " إنِّي لا أشْهَدُ إلاَّ على حَقٍّ " .

قالُوا : ومَا كان جَوْراً وغير حقٍّ فهو بَاطِل لا يجُوز ، وقوله : " أشْهِدْ على هذا غَيْرِي " ليس إذْناً في الشَّهَادَة ، وإنَّما هُوَ زَجْرٌ عَنْهَا ؛ لأنَّه - عليه السلام - قد سمَّاها [ جَوْراً ]{[12005]} وامتنع من الشَّهَادَة فيه ، فلا يُمْكِن أن يَشْهَد أحَدٌ من المُسْلِمين ، وأمَّا فعل أبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - فلا يُعَارضُ به قول النَّبي - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ولعلَّه كان [ قد ]{[12006]} نحل أولادهُ كُلَّهم مثل ذلك .

فإن قيل : الأصْلُ تصرُّف الإنْسَان في مَالِهِ مُطْلَقاً ، قيل له : الأصل الكُلِّي والواقِعَة المُعَيَّنَةُ المُخَالِفَة لذلك الأصل لا تعارض بَيْنهُمَا كالعُمُوم والخُصُوصِ .


[11981]:ينظر: المحرر الوجيز 2/202، والبحر المحيط 3/16، والدر المصون 2/541 والشواذ 39.
[11982]:ينظر: المحتسب 1/211.
[11983]:ينظر البيت في ديوانه 132، سيبويه 1/85، 127، 137، معاني القرآن 1/140، 242، مجاز القرآن 2/84، الخصائص 1/292، 3/61، المحتسب 1/211، ما يجوز للشاعر في الضرورة 66، ضرائر الشعر 176، شرح الجمل لابن عصفور 1/350، أمالي ابن الشجري 1/8، 93، 326، مغني اللبيب 265، 647، 796، 829، شرح شواهده 2/544، همع الهوامع 1/97، 2/16، الكافية 1/92، ابن يعيش 2/30، 6/90، البسيط في شرح جمل الزجاجي 1/565 الإفصاح للفارقي 205، الخزانة 1/359، المحرر الوجيز 2/202، الدر المصون 2/541.
[11984]:يحذف الضمير العائد من جملة الخبر إلى المبتدأ بشرطين: أن يكون في الكلام ما يدل عليه أو قرينة حال، فإن لم يكن معنا ما يدل عليه، فلا يجوز حذفه، وهذا بلا شك بين؛ لأن العرب لا تحذف الشيء حتى يكون معها ما يدل عليه. ألا يكون في الكلام ما يصح أن يعمل في المبتدأ، نحو: زيد ضربت، فإن (ضربت) يصح أن يعمل في زيد؛ لأنه لم يشتغل عنه بضميره، ولا بغير ضميره في اللفظ، وقد جاء في الشعر وفي قليل من الكلام، واستدل بالشاهد السابق، على أن حذف الضمير من الفعل، والأصل: "كله لم أصنعه" وقالوا: شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر مرعى. المعنى: ترى فيه. قال الفراء ويحذف أيضا قياسا إذا كان الضمير منصوبا مفعولا به، والمبتدأ "كل" كما في البيت السابق. فإن "كل" إذا وقعت في حيز النفي، كان النفي موجها إلى الشمول خاصة، وأفاد بمفهومه ثبوت الفعل لبعض الأفراد، نحو: ما جاء كل القوم. وإن وقع النفي في حيزها، اقتضى السلب عن كل فرد؛ كقوله-عليه السلام- لما قال له ذو اليدين: أنسيت أم قصرت الصلاة؟: "كل ذلك لم يكن". واستشهد بالبيت السابق: قد أصبحت أم الخيار تدعي *** علي ذنبا كله لم أصنع ويعني بالذنب: الشيب والصلع والشيخوخة وهي أشياء لم يصنعها هو. ينظر: المراجع السابقة.
[11985]:ينظر: المحرر الوجيز 2/202.
[11986]:أخرجه مالك في الموطأ 1/94 كتاب المساجد: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا وأخرجه البخاري 3/166، كتاب السهو: باب إذا سلم في ركعتين (1227)، ومسلم 1/403-404، كتاب المساجد: باب السهو في الصلاة والسجود له (99/573).
[11987]:في أ: ذكرنا لك.
[11988]:ينظر: المحرر الوجيز 2/202.
[11989]:في أ: أهل.
[11990]:ينظر: السبعة 625، والدر المصون 2/541.
[11991]:تقدم.
[11992]:تقدم.
[11993]:ينظر: الكشاف 1/641.
[11994]:ينظر: البحر 3/516.
[11995]:ينظر: المحرر الوجيز 2/203، والبحر المحيط 3/516، والدر المصون 2/542 والتخريجات النحوية 283.
[11996]:ينظر: السبعة 244، والحجة 2/228، وحجة القراءات 228، والعنوان 87، وشرح الطيبة 4/230، وشرح شعلة 351، وإتحاف 1/537.
[11997]:ينظر: تفسير الرازي 12/14.
[11998]:سقط في أ.
[11999]:في أ: القرظي.
[12000]:تقدم.
[12001]:في ب: قوة الإيمان.
[12002]:سقط في أ.
[12003]:ينظر: تفسير القرطبي 6/139.
[12004]:في أ: بعثت هذا بولدك قالا: لا مال.
[12005]:في أ: زجر.
[12006]:سقط في أ.