لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (50)

{ أفحكم الجاهلية يبغون } يعني أفحكم الجاهلية هؤلاء اليهود قال ابن عباس : يعني بحكم الجاهلية ما كانوا عليه من الضلال والجور في الأحكام وتحريفهم إياها عما أمر الله به وقال مقاتل كانت بين بني النضير وقريظة دماء وهما حيان من اليهود وذلك قبل أن يبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فلما بعث وهاجر إلى المدينة تحاكموا إليه فقالت بنو قريظة بنو النضير إخواننا أبونا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد فإن قتل بنو النضير منا قتيلاً أعطونا سبعين وسقاً من تمر وإن قتلنا منهم قتيلاً أخذوا منا مائة وأربعين وسقاً وأرش جراحتنا على النصف من جراحتهم فاقض بيننا وبينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أحكم أن دم القرظي وفاء من دم النضيري ، ودم النضيري وفاء من دم القرظي ليس لأحدهما فضل على الآخر في دم ولا عقل ولا جراحة " فغضبت بنو النضير ، وقالوا : لا نرضى بحكمك فإنك لنا عدو وإنك ما تألو في وضعنا وتصغيرنا . فأنزل الله : أفحكم الجاهلية يبغون . وقرئ بالتاء على الخطاب . والمعنى : قل لهم يا محمد أفحكم الجاهلية تبغون { ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } يعني : أي حكم أحسن من حكم الله إن كنتم موقنين أنّ لكم رباً وأنه عدل في أحكامه .