جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ} (57)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مّوْعِظَةٌ مّن رّبّكُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِي الصّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ } .

يقول تعالى ذكره لخلقه : يا أيّها الناس قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبّكُمْ يعني ذِكْرَى تذكركم عقاب الله وتخوّفكم وعيده من ربكم . يقول : من عند ربكم لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ولم يفتعلها أحد ، فتقولوا : لا نأمن أن تكون لا صحة لها . وإنما يعني بذلك جلّ ثناؤه القرآن ، وهو الموعظة من الله . وقوله : وَشِفاءٌ لِمَا فِي الصّدُورِ يقول : ودواء لما في الصدور من الجهل ، يشفي به الله جهل الجهال ، فيبرىء به داءهم ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به . وَهُدًى يقول : وهو بيان لحلال الله وحرامه ، ودليل على طاعته ومعصيته . وَرَحْمَةٌ يرحم بها من شاء من خلقه ، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى ، وينجيه به من الهلاك والردى . وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين به دون الكافرين به ، لأن من كفر به فهو عليه عمى ، وفي الاَخرة جزاؤه على الكفر به الخلود في لَظَى .