جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْ أَنّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرّواْ النّدَامَةَ لَمّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولو أن لكلّ نفس كفرت بالله . وظُلْمُها في هذا الموضع : عبادتها غير من يستحقّ عبادة وتركها طاعة من يجب عليها طاعته . ما فِي الأرْضِ من قليل أو كثير ، لافْتدَتْ بهِ يقول : لافتدت بذلك كله من عذاب الله إذا عاينته . وقوله : وأسَرّوا النّدَامَةَ لَمّا رأَوُا العَذَابَ يقول : وأخفت رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامة حين أبصروا عذاب الله قد أحاط بهم ، وأيقنوا أنه واقع بهم . وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ يقول : وقضىَ الله يؤمئذ بين الأتباع والرؤساء منهم بالعدل . وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وذلك أنه لا يعاقب أحدا منهم إلا بجريرته ولا يأخذه بذنب أحد ولا يعذّب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج .