جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا} (28)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } . .

يعني جلّ ثناأه بقوله : { يُرِيدُ الله أن يخَفّفَ عَنْكُمْ } : يريد الله أن ييسر عليكم بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولاً لحرّة . { وَخُلِقَ الإنْسانُ ضَعيفا } يقول : يسر ذلك عليكم إذا كنتم غير مستطيعي الطول للحرائر ، لأنكم خلقتم ضعفاء عجزة عن ترك جماع النساء قليلي الصبر عنه ، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات ، عند خوفكم العنت على أنفسكم ، ولم تجدوا طولاً لحرة لئلا تزنوا ، لقلة صبركم على ترك جماع النساء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { يُرِيدُ اللّهُ أنْ يُخَفّفَ عَنْكُمْ } في نكاح الأمة ، وفي كلّ شيء فيه يسر .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : { وخُلِقَ الإنْسانُ ضَعِيفا } قال : في أمر الجماع .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : { وَخُلِقَ الإنْسانُ ضَعِيفا } قال : في أمر النساء .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : { وَخُلِقَ الإنْسانُ ضَعِيفا } قال : في أمور النساء ، ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في النساء .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { يُرِيدُ اللّهُ أنْ يُخَفّفَ عَنْكُمْ } قال : رخص لكم في نكاح هؤلاء الإماء حين اضطرّوا إليهنّ ، { وَخُلِقَ الإنْسانُ ضَعيفا } قال : لو لم يرخص له فيها لم يكن إلا الأمر الأول إذا لم يجد حرّة .