تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا} (28)

الآية 28 وقوله تعالى : { يريد الله أن يخفف عنكم } هذا . إنه خفف علينا ولم يحمل ما حمل على الأمم السالفة من ارتكبنا{[5368]} أو يقال : خفف عنا حين{[5369]} لم يستأصلنا ولم يهلكنا بالخلاف وترك الطاعة على ما استأصل أولئك وأهلكهم . ويحتمل التخفيف عنا أيضا ما خفف علينا من إقامة العبادات والطاعات من نحو الحج والجهاد وغيره حتى جعل القيام بذلك أخف على الإنسان وأيسر من قيامه بأخف العبادات والطاعات وأيسرها . وذلك من تخفيف الله عليما وتيسره ، وفضل{[5370]} منه ورحمة ، واله وأعلم .

وقوله تعالى : { وخلق الإنسان ضعيفا } يحتمل أن يكون أراد به الكافر كقوله تعالى : { إن الإنسان خلق من هلوعا } { إذا مسه الشر جزوعا } ( المعارج 19-20 ) وقد قيل : كل موضع ذكر الإنسان ( فيه ) {[5371]} فهو في كافر من ضعفه يضيق صدره وتمل نفسه بطول الترك في النعم حتى يضجر فيها . ويحتمل أنه أراد به الكافر والمسلم ، ووصفه في ابتداء حاله أنه كان ضعيفا كقوله { خلقكم من ضعف } ( الروم 54 ) ويحتمل وصفه بالضعف لأنه ضعيف في نفسه ملول{[5372]} منم الطاعات والعبادات التي جعل الله عليه ، ليس كالملائكة حين وصفهم أنهم لا يفترون { ولا يستحسرون } { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } ( الأنبياء 19-20 ) ولا كذلك بنو آدم .


[5368]:في الأصل و م: ارتكبوا.
[5369]:في الأصل و م: حيث.
[5370]:في الأصل و م: وفضلا.
[5371]:ساقطة من الأصل و م.
[5372]:في الأصل و م: ممل.