الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا} (28)

{ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } في نكاح الأمة ، إذا لم تجدوا طول الجرة وفي كل أحكام الشرع { وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } في كل شيء .

طاوس والكلبي وأكثر المفسرين : يعني في أمر الجماع لا يصبر على النساء ولا يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء .

قال سعيد بن المسيب : ما آيس الشيطان من بني آدم إلاّ أتاه من قِبل النساء ، وقد أتى عليَّ ثمانون سنة وذهبت إحدى عينيّ وأنا أعشى بالأخرى ، وأن أخوف ما أخاف عليّ فتنة النساء .

مالك بن شرحبيل قال : قال عبادة بن الصامت : ألا ترونني لا أقوم إلاّ رفدا ولا آكل إلاّ ما لوق لي وقد مات صاحبي منذ زمان ، وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي وأن لي ما تطلع عليه الشمس مخافة أن يأتيني الشيطان فيحكيه عليّ أنه لا سمع له ولا بصر .

قال الحسن : هو أن خلقه من ماء مهين بيانه قول الله :

{ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } [ الروم : 54 ] .

ابن كيسان : ( خلق الإنسان ضعيفاً ) يستميله هواه وشهوته ويستطيشه خوفه وحزنه .

قال ابن عباس : ثمان آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة ممّا طلعت عليه الشمس وغربت : { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] ، { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 27 ] ، { يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } [ النساء : 28 ] { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } [ النساء : 31 ] { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } [ النساء : 48 ] ، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } [ النساء : 110 ] { مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } [ النساء : 147 ] .