المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا} (28)

وقوله تعالى : { يريد الله أن يخفف عنكم } المقصد الظاهر بهذه الآية أنها في تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، وأن إخباره عن ضعف الإنسان إنما هو في باب النساء ، أي لما علمنا ضعفكم عن الصبر عن النساء خففنا عنكم بإباحة الإماء ، وكذلك قال مجاهد وابن زيد وطاوس ، وقال طاوس : ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء .

قال القاضي أبو محمد : ثم بعد هذا المقصد تخرج الآية في مخرج التفضل ، لأنها تتناول كل ما خفف الله تعالى عن عباده ، وجعله الدين يسراً ، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاماً ، حسبما هو في نفسه ضعيف يستميله هواه في الأغلب و { الإنسان } رفع على ما لم يسم فاعله ، و { ضعيفاً } حال ، وقرأ ابن عباس ومجاهد «وخَلقَ الإنسان » على بناء الفعل للفاعل و { ضعيفاً } حال أيضاً على هذه القراءة ويصح أن يكون { خلق } بمعنى جعل ، فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى مفعولين ، فيكون قوله { ضعيفاً } مفعولاً ثانياً .