أصحُّهما : أنَّهَا مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب .
والثَّاني : أنَّهَا حال من قوله { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } العامل فيها يريد أي : واللَّهُ يريد أن يتوبَ عليكم يريد أن يخفف عنكم ، وفي هذا الإعراب نَظَرٌ من وجهين :
أحدهما : أنَّهُ يؤدِّي إلى الفصل بين الحال ، وبين عاملها بجملة معطوفة على جملة العامل في الحال ضمير تلك الجملة المعطوف عليها ، والجملةُ المعطوفة وهي
{ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ } جملة أجنبيّة{[7557]} من الحال وعاملها .
والثَّاني : أنَّ الفعل الذي وقع حالاً رفع الاسم الظَّاهر فوقع الرَّبط بالظاهرِ ؛ لأن { يُرِيدُ } رفع اسم الله ، وكان من حقِّه أن يرفع ضميره ، والرَّبْطُ بالظَّاهِرِ إنَّمَا وقع بالجملة الواقعة خبراً أو وصلة ، أمَّا الواقعة حالاً وصفة فلا ، إلا أن يَردَ به سماع ، ويصير هذا الإعراب نظير : " بكر يخرج يضربُ بكر خالداً " ولم يذكر مفعول التخفيف فهو{[7558]} محذوف ، فقيل تقديره : يخفف عنكم تكليف النظر ، وإزال الحيرة ، وقيل : إثم ما يرتكبون ، وقيل : عام في جميع أحكام الشرع وقد سهل علينا كما قال تعالى
{ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ [ { وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }{[7559]} ] [ الأعراف :157 ] وقال عليه السلام : " بعثت بالحنيفية السمحة " . وقال { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
[ البقرة : 185 ] وقال { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] وقال مجاهد ومقاتل : المراد به [ إباحة ]{[7560]} نكاح الأمة عند الضرورة{[7561]} .
قوله تعالى : { وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } والمعنى أنه لضعفه خفف تكليف ، والأقرب أن يحمل هذا الضعف على كثرة الدواعي إلى اتباع الشهوة واللذة لا على ضعيف الخلقة [ لأن ضعيف الخلقة ]{[7562]} لو قوى الله داعيته إلى الطاعة كان في حكم القوي والقوي في الخلقة إذا كان ضعيف الدواعي إلى الطاعة صار في حكم الضعيف ، فالتأثير في هذا الباب لضعف الداعية وقوتها لا لضعف البدن .
قال طاوس والكلبي وغيرهما : في أمر النساء لا يصبر عنهن{[7563]} .
وقال ابن كيسان : خلق الله الإنسان ضعيفاً أي بأن تستميله شهوته .
وقال الحسن : المراد ضعيف الخلقة وهو أنه [ خلقه ]{[7564]} من ماء مهين{[7565]} . وقال تعالى
{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } [ الروم : 54 ] .
أظهرها : أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة .
والثاني : - كأنه تمييز قالوا : لأنه يصلح لدخول " مِنْ " وهذا غلط .
الثالث :- أنه على حذف حرف الجرِ ، والأصل : خلق من شيء ضعيف ، أي : من ماء مهين ، أو من نطفة ، فلما حُذِفَ الموصوف وحرف الجر وَصَلَ الفعل إليه بنفسه فنصبه .
الرابع :- وإليه أشار ابن عطية{[7566]} ، أنه منصوب على أنه مفعول ثانٍ ب " خلق " قالوا : ويصح أن يكون خلق بمعنى " جُعِلَ " فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى المفعولين فيكون قوله " ضعيفاً " مفعولاً ثانياً ، وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون ك " جعل " فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين ، ورأيناها يقولون : إن " جَعَلَ " إذا كان بمعنى " خَلَقَ " تعدت لواحد{[7567]} .
روي عن ابن عباس أنه قال : ثماني آيات في سورة النساء خير لهذه{[7568]} الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت قوله تعالى { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ]
{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } { يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } و{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } [ النساء : 31 ] { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ }{[7569]} [ النساء : 48 ] { إِنَّ [ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ]{[7570]} مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ، { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } [ النساء : 110 ] و { مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } [ النساء : 147 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.