البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا} (36)

قال الزمخشري : { جزاء } : مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله : { إن للمتقين مفازاً } ، كأنه قال : جازى المتقين بمفاز وعطاء نصب بجزاء نصب المفعول به ، أي جزاءهم عطاء . انتهى .

وهذا لا يجوز لأنه جعله مصدراً مؤكداً لمضمون الجملة التي هي { إن للمتقين مفازاً } ، والمصدر المؤكد لا يعمل ، لأنه ليس ينحل بحرف مصدري والفعل ، ولا نعلم في ذلك خلافاً .

وقرأ الجمهور : { حساباً } ، وهو صفة لعطاء ، أي كافياً من قولهم : أحسبني الشيء : أي كفاني .

وقال مجاهد : معنى حساباً هنا بتقسيط على الأعمال ، أو دخول الجنة برحمة الله والدرجات فيها على قدر الأعمال ، فالحساب هنا بموازنة الأعمال .

وقرأ ابن قطيب : حساباً ، بفتح الحاء وشد السين .

قال ابن جني : بني فعالاً من أفعل ، كدراك من أدرك .

انتهى ، فمعناه محسباً ، أي كافياً .

وقرأ شريح بن يزيد الحمصي وأبو البرهشيم : بكسر الحاء وشد السين ، وهو مصدر مثل كذاب أقيم مقام الصفة ، أي إعطاء محسباً ، أي كافياً .

وقرأ ابن عباس وسراح : حسناً بالنون من الحسن ، وحكى عنه المهدوي حسباً بفتح الحاء وسكون السين والباء ، نحو قولك : حسبك كذا ، أي كافيك .