اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا} (36)

قوله : { جَزَآءً } . مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } ، كأنَّه قيل : جازى المتقين بمفاز .

قوله : { عَطَآءً } بدلٌ من «جَزاءً » وهو اسم مصدر ؛ قال : [ الوافر ]

5085- *** . . . وبَعُدَ عَطائِكَ المِائةَ الرِّتاعَا{[59172]}

قال : وجعله الزمخشري{[59173]} : منصوباً ب «جزاءً » نصب المفعول به .

ورده أبو حيان{[59174]} بأنه جعل «جزاء » مصدراً مؤكداً لمضمون الجملة ، التي هي «إنَّ للمُتَّقِينَ » ، قال : «والمصدر المؤكد لا يعمل ؛ لأنه لا ينحلُّ لحرف مصدري والفعل ، ولا نعلمُ في ذلك خلافاً » .

قوله : «حساباً » . صفة ل «عطاءً » ، والمعنى : كافياً ، فهو مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه ، أو على حذف مضاف ، من قولهم : أحْسبَنِي الشيء أي : كفاني .

وقال قتادةٌ : «عَطاءً حِسَاباً » أي : كثيراً ، يقال : أحسبتُ فلاناً أي : أكثرت له العطايا حتى قال : حسبي{[59175]} .

وقال الكلبي : حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشر أمثالها ، وقد وعد قوماً جزاء لا نهاية له ، ولا مقدار ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }{[59176]} [ الزمر : 10 ] وقرأ أبو البرهسم{[59177]} ، وشريحُ بنُ يزيد الحمصي : بتشديد السين مع بقاء الحاء على كسرها .

وتخريجها : أنَّه مصدر : مثل : «كذّاب » أقيم مقام الوصف ، أي : عطاء محسباً ، أي : كافياً .

وابن قطيب : كذلك ، إلاَّ أنَّه فتح الحاءَ .

قال أبو الفتح : بناء «فعَّال » من «أفْعَل » ك «دَرَّاك » من «أدْرك » بمعنى أنه صفة مبالغة من «حَسَب » بمعنى : كافي كذا .

وابن عباس{[59178]} : «حَسَناً » بالنون من الحسن .

وسريج : «حَسْباً »{[59179]} بفتح الحاء وسكون السين والباء الموحدة ، أي : عطاء كافياً ، من قولك : حَسْبُك كذا ، أي : «كافيك » .


[59172]:تقدم.
[59173]:ينظر: الكشاف 4/690.
[59174]:ينظر: البحر المحيط 8/407.
[59175]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/414).
[59176]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/120).
[59177]:ينظر: الكشاف 4/690، والمحرر الوجيز 5/428، والبحر المحيط 8/407، والدر المصون 6/468.
[59178]:ينظر: الكشاف 4/690، والبحر المحيط 8/407، والدر المصون 6/468.
[59179]:ينظر السابق.