الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا} (36)

قوله : { جَزَآءً } : مصدرٌ مؤكِّدٌ منصوبٌ بمعنى : إنَّ للمتقين مَفازاً ، كأنه قيل : جازى المتقين بمَفازٍ .

قوله : " عَطاءً " بدلٌ مِنْ " جَزاءً " وهو اسمُ مصدرٍ . قال :

4479 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وبعدَ عَطائِك المِئةَ الرِّتاعا

وجعله الزمخشريُّ منصوباً ب " جزاءً " نَصْبَ المفعولِ به . ورَدَّه الشيخُ : بأنَّه جَعَلَ " جزاءً " مصدراً مؤكداً لمضمونِ الجملةِ التي هي " إنَّ للمتقين [ مفازاً ] " . قال : " والمصدرُ المؤكِّد لا يعملُ ؛ لأنه لا ينحلُّ لحرفٍ مصدريِ والفعلِ ، ولا نعلَمُ في ذلك خلافاً " .

قوله : { حِسَاباً } صفةٌ ل " عطاءً " والمعنى : كافياً ، فهو مصدرٌ أقيم مُقامَ الوصفِ ، أو بُوْلغ فيه ، أو على حَذْفِ مضافٍ مِنْ قولِهم : أَحْسَبَنِي الشيءُ ، أي : كفاني . وقرأ أبو البرهسم وشُرَيْح بن يزيد الحمصي بتشديد السينِ مع بقاءِ الحاءِ على كسرِها . وتخريجُها أنه مصدرٌ مثلُ كِذَّاب ، أقيم مُقامَ الوصفِ ، أي : عطاءً مُحْسِباً ، أي : كافياً . وابن قطيب كذلك إلاَّ أنَّه فتح الحاءَ ، قال أبو الفتح : " بنى فَعَّالاً مِنْ أَفْعَلَ كدَرَّاك مِنْ أَدْرَك " يعني أنه صفةٌ مبالغةٍ ، مِنْ أَحْسَبَ بمعنى كافي كذا . وابنُ عباس " حَسَنَا " بالنون من الحُسن . وسِراج " حَسْباً " بفتحِ الحاء وسكونِ السينِ والباءِ الموحَّدة ، أي : عطاءً كافياً ، مِنْ قولِك : حَسْبُك كذا ، أي : كافيك .