فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا} (36)

{ جزاء من ربك } أي جازاهم بما تقدم ذكره جزاء ، قال الزجاج : المعنى جزاهم جزاء أي بمقتضى وعده وكذا { عطاء } أي وأعطاهم عطاء تفضلا منه ، إذ لا يجب عليه شيء ، وقيل عطاء بدل من جزاء أي بدل كل من كل ، وفي إبداله منه نكتة لطيفة ، وهي الدلالة على أن بيان كونه عطاء وتفضلا منه هو المقصود وبيان كونه جزاء وتفضلا منه هو المقصود وبيان كونه جزاء وسيلة له .

{ حسابا } قال أبو عبيدة كافيا فهو مصدر أقيم مقام الوصف أو باق على مصدريته مبالغة أو هو على حذف مضاف ، وقال ابن قتيبة كثيرا ، يقال أحسبت فلانا أي أكثرت له العطاء . قال الزجاج حسابا أي ما يكفيهم قال الأخفش يقال أحسبني كذا أي كفاني .

قال الكلبي حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشرا وقال مجاهد حسابا لما عملوه ، فالحساب بمعنى القدر أي بقدر ما وجب له في وعد الرب سبحانه فإنه وعد للحسنة عشرا ، ووعد لقوم سبعمائة ضعف ، وقد وعد لقوم جزاء لا نهاية له ولا مقدار كقوله : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } .

وقرأ أبو هاشم حسابا بفتح الحاء وتشديد السين أي كفافا قال الأصمعي تقول العرب حسبت الرجل بالتشديد إذا أكرمته ، وفي القاموس حسبك درهم كفاك ، وشيء حساب كاف ومنه { عطاء حسابا } وأحسبه كفاه وقرأ ابن عباس حسانا بالنون .