التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (32)

ثم بين - سبحانه - أنه امتن عليهم بإرسال رسول فيهم فقال : { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ . . . } .

أى : كان من مظاهر رحمتنا ومنتنا على هؤلاء القوم الآخرين الذين جاءوا بعد إهلاك قوم نوح ، أن أرسلنا فيهم رسولاً منهم نشأ بين أظهرهم وعرفوا حسبه ونسبه ، فقال لهم ما قاله كل نبى لقومه : اعبدوا الله وحده ، فإنكم ليس من إله سواه ، لأنه - سبحانه - هو الذى أوجدكم فى هذه الحياة . . . . { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } بأسه وعقابه إذا ما عبدتم غيره ؟ !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (32)

وقوله { فأرسلنا فيهم رسولاً } أي جعل الرسول بينهم وهو منهم ، أي من قبيلتهم . وضمير الجمع عائد إلى { قرناً } لأنه في تأويل ( الناس ) كقوله { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } [ الحجرات : 9 ] .

وعُدِّي فعل { أرسلنَا } ب ( في ) دون ( إلى ) لإفادة أن الرسول كان منهم ونشأ فيهم لأن القرن لما لم يعين باسم حتى يعرف أن رسولهم منهم أو وارداً إليهم مثل لوط لأهل ( سدوم ) ، ويونس لأهل ( نينوَى ) ، وموسى للقبط . وكان التنبيه على أن رسولهم منهم مقصوداً إتماماً للمماثلة بين حالهم وحال الذين أرسل إليهم محمد صلى الله عليه وسلم وكلام رسولهم مثل كلام نوح .

و ( أنْ ) تفسير لما تضمنه { أرسلنا } من معنى القول .