إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَرۡسَلۡنَا فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (32)

{ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ } جُعلُوا موضعاً للإرسال كما في قوله تعالى : { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ في أُمَّةٍ } ونحوه لا غايةً له كما في مثل قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ } للإيذانِ من أوَّلِ الأمر بأنَّ مَن أُرسل إليهم لم يأتِهم من غير مكانِهم بل إنَّما نشأَ فيما بين أظهرِهم كما ينبئ عنه قولُه تعالى : { رَسُولاً مّنْهُمْ } أي من جُملتهم نسباً فإنَّهما عليهما السَّلامُ كانا منهم . وأنْ في قولِه تعالى : { أَنِ اعبدوا الله } مفسِّرةٌ لأرسلنا لتضمُّنِه معنى القولِ أي قُلنا لهم على لسانِ الرَّسولِ : اعبدُوا الله تعالى . وقولُه تعالى : { مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ } تعليلٌ للعبادة المأمور بها أو للأمرِ بها أو لوجوب الامتثال به { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي عذابَه الذي يستدعيه ما أنتُم عليه من الشِّركِ والمعاصي . والكلامُ في العطفِ كالذي مرَّ في قصَّةِ نوحٍ عليه السَّلامُ .