التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا يُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ} (16)

ثم حذر - سبحانه - من عدم الاستعداد للساعة . ومن الشك فى إتيانها فقال : { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا } أى : فلا يصرفنك عن الإيمان بها ، وعن العمل الصالح الذى ينفعك عند مجيئها { مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } من الكافرين والفاسقين { واتبع هَوَاهُ } فى إنكارها وفى تكذيب ما يكون فيها من ثواب أو عقاب { فتردى } أى : فتهلك ، إن أنت أطعت هذا الذى لا يؤمن بها . يقال : ردى فلان - كرضى - إذا هلك ، وأرداه غيره إذا أهلكه .

فالآية الكريمة تحذير شديد من اتباع المنكرين لقيام الساعة والمعرضين عن الاستعداد لها ، بعد أن أكد - سبحانه - فى آيات كثيرة أن الساعة آية لا ريب فيها .

قال - تعالى - : { ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّهُ يُحْيِي الموتى وَأَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الساعة آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَن فِي القبور } وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد أثبتت وحدانية الله - تعالى - كما فى قوله : { إنني أَنَا الله لا إله إلا أَنَاْ } كما أثبتت وجوب التوجه إليه وحده بالعبادة كما فى قوله - سبحانه - : { فاعبدني وَأَقِمِ الصلاة لذكري } . كما أثبتت أن يوم القيامة لا شك فى إتيانه فى الوقت الذى يريده الله - تعالى - . كما قال - عز وجل - : { إِنَّ الساعة آتِيَةٌ . . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا يُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ} (16)

{ فلا يصدنك عنها } عن تصديق الساعة ، أو عن الصلاة . { من لا يؤمن بها } نهى الكافر أن يصد موسى عليه الصلاة والسلام عنها ، والمراد نهيه أن ينصد عنها كقولهم : لا أرينك ها هنا ، تنبيها على أن فطرته السليمة لو خليت بحالها لاختارها ولم يعرض عنها ، وأنه ينبغي أن يكون راسخا في دينه فإن صد الكافر إنما يكون بسبب ضعفه فيه . { واتبع هواه } ميل نفسه إلى اللذات المحسوسة المخدجة فقصر نظره عن غيرها . { فتردى } فتهلك بالانصداد بصده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا يُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ} (16)

والضمير في قوله { عنها } عائد على ‹الساعة› ، يريد الإيمان بالساعة فأوقع الضمير عليها ، ويحتمل أن يعود على { الصلاة } [ طه : 14 ] وقالت فرقة المراد عن لا إله إلا الله ع : وهذا متجه ، والأولان أبين وجهاً . وقوله { فتردى } معناه تهلك والردى الهلاك ومنه قوله دريد بن الصمة : [ الطويل ]

تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً . . . فقلت أعبد الله ذلكمُ الردي ؟{[8093]}

وهذا الخطاب كله لموسى عليه السلام وكذلك ما بعده ، وقال النقاش : الخطاب ب { فلا يصدنك } لمحمد عليه السلام وهذا بعيد ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «أكاد أخفيها من نفسي » وعلى هذه القراءة تركب ذلك القول المتقدم .


[8093]:البيت من قصيدة له يرثي بها أخاه عبد الله، وهو في الأغاني، والعيني، والحماسة، والشعر والشعراء، والجمهرة، ولباب الآداب، وتفسير البحر، وأردت: أهلكت، والردي: الهالك. يقول: حين أعلنوا أن الخيل قد أهلكت أحد الفرسان أحسست بالمصيبة وقلت: أهو عبد الله هذا الذي هلك؟ هذا والقصيدة هي الأصمعية الثامنة والعشرون.