التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (97)

ثم ساق - سبحانه - نوعا ثالثا من الدلائل على كمال قدرته ورحمته وحكمته فقال - تعالى - { وَهُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ النجوم لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر } أى : وهو - سبحانه - وحده الذى أنشأ لكم هذه الكواكب النيرة لتهتدوا بها إلى الطرق والمسالك خلال سيركم فى ظلمات الليل بالبر والبحر حيث لا ترون شمسا ولا قمرا .

وجملة { لِتَهْتَدُواْ بِهَا } بدل اشتمال من ضمير { لَكُمُ } بإعادة العامل ، فكأنه قيل : جعل النجوم لاهتدائكم .

{ قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أى : قد وضحنا وبينا الآيات الدالة على قدرته - تعالى - ورحمته بعباده ، لقوم يعلمون وجه الاستدلال بها فيعلمون بموجب علمهم ، ويزدادون إيمانا على إيمانهم .

فالجملة الكريمة المستأنفة للتسجيل والتبليغ وقطع معذرة من لم يؤمنوا .

والتعريف فى الآيات للستغراق فيشمل آية خلق النجوم وغيرها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (97)

وقوله : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } قال بعض السلف : من اعتقد في هذه النجوم غير ثلاث فقد أخطأ وكذب على الله : أن الله جعلها زينة للسماء{[10985]} ورجوما للشياطين ، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر .

وقوله : { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ } أي : قد بيناها ووضحناها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي : يعقلون ويعرفون الحق ويجتنبون{[10986]} الباطل .


[10985]:في أ: "السماء".
[10986]:في أ: "ويتجنبون".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (97)

هذه المخاطبة تعم المؤمنين والكافرين ، فالحجة بها على الكافرين قائمة والعبرة بها للمؤمنين ممكنة متعرضة ، و { جعل } هنا بمعنى خلق لدخولها على مفعول واحد ، وقد يمكن أن تكون بمعنى صير ويقدر المفعول الثاني في { لتهتدوا } لأنه يقدر وهو الذي جعل لكم النجوم هداية ، و { في ظلمات } هي ها هنا على حقيقتها في ظلمة الليل بقرينة النجوم التي لا تكون إلا بالليل ، ويصح أن تكون «الظلمات » ها هنا الشدائد في المواضع التي يتفق أن يهتدى فيها بالشمس ، وذكر الله تعالى النجوم في ثلاث منافع وهي قوله : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح }{[5029]} وقوله : { وجعلناها رجوماً للشياطين } [ المُلك : 5 ] وقوله : { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } فالواجب أن يعتقد أن ما عدا هذه الوجوه من قول أهل التأثير باطل واختلاق على الله وكفر به ، و { فصلنا } معناه بينا وقسمنا و { الآيات } الدلائل و { لقوم يعلمون } تخصيص لهم بالذكر وتنبيه منهم لتحصلهم الآية المفصلة المنصوبة ، وغيرهم تمر عليهم الآيات وهم معرضون عنها .


[5029]:- من الآية (5) من سورة (الملك).