تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (97)

الآية 97 وقوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } والمراد منه الظلمات . وذكر في قوله تعالى : { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر } [ الأنعام : 63 ] وأراد بالظلمات الشدائد والأهوال التي تصيبهم . ألا ترى أنه قال { تدعونه تضرعا وخفية } ؟ [ الأنعام : 63 ] عند الشدائد والأهوال التي تنزل بهم . إنما{[7486]} الدافع عنهم ذلك لا هؤلاء الأصنام التي يعبدون دون الله ، ويشركونها في عبادته .

ويذكر في قوله تعالى : { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر } عظيم ما أنعم عليهم بما جعل لهم في السماء نجوما ليهتدوا بها للطرق والمسالك في البحار والبراري عند اشتباهها عليهم .

وفيه دليل وحدانية الرب وتدبيره وحكمته لأنه جعل في السماء أدلة يهتدون بها ، ويستدلون على معرفة الطرق مع بعد ما بينهما من المسافة ، وتسوية أسباب الأرض بأسباب السماء ، وتعلق منافع بعضها ببعض ليعلموا أنه كان بواحد مدبر عليم حكيم ؛ إذ لو كان بعدد أو بمن لا تدبير له [ ولا ]{[7487]} حكمة لا يحتمل ذلك ، ولم يتسق ما ذكرنا . دل أنه بالواحد العليم الحكيم مع علمهم أن الأصنام التي يعبدونها ، ويشركونها{[7488]} في عبادته لا تقدر{[7489]} على ذلك ، لكنهم يعبدونها ، ويشركونها في ألوهيته سفها منهم وعنادا ، وبالله العصمة والتوفيق .

وفي قوله تعالى : { فالق الحب والنوى } وقوله تعالى : { فالق الإصباح } وقوله تعالى : { جعل لكم النجوم لتهتدوا بها } وغير ذلك من الآيات التي ذكر تذكير نعمه وإحسانه إليهم ليستأدي{[7490]} بذلك شكره وجعل السعي له .

وجائز أن يستدل به على تذكير قدرته وسلطانه أن من قدر على ما ذكر لا يحتمل أن يعجزه شيء . وفيه تذكير تدبيره وعلمه وحكمه على ما ذكرنا من اتساق الأمور [ والأحوال على سنن }{[7491]} واحد .

وقوله تعالى : { قد فصلنا الآيات } قيل : صرفنا الآيات أي صرفنا كل آية إلى موضعها الذي يكون لهم دليلا عند الحاجة إليها . وقيل : { قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون } أي لقوم ينتفعون بعلمهم ؛ فإذا انتفعوا بها صارت الآيات لهم لأن من انتفع بشيء يصير ذلك له . لذلك ذكر { لقوم يعلمون } لأنهم{[7492]} إذا [ لم ينتفعوا بها ]{[7493]} لم تصر الآيات لهم .


[7486]:- في الأصل وم: بما.
[7487]:- من م، ساقطة من الأصل.
[7488]:- في الأصل وم: وأشركوا.
[7489]:في الأصل: لا يقتدرون، في م: لا يقدرون.
[7490]:- في الأصل وم: يستأدي.
[7491]:- في الأصل وم: والحال على أمر.
[7492]:- من م، في الأصل: أنهم.
[7493]:- من م، ساقطة من الأصل.