جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (97)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَهُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصّلْنَا الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : والله الذي جعل لكم أيها الناس النجوم أدلة في البرّ والبحر إذا ضللتم الطريق ، أو تحيرتم فلم تهتدوا فيها ليلا تستدلون بها على المحجة ، فتهتدون بها إلى الطريق والمحجة فتسلكونه ، وتنجون بها من ظلمات ذلك ، كما قال جلّ ثناؤه : وَعَلاماتٍ وَبالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ : أي من ضلال الطريق في البرّ والبحر ، وعنى بالظلمات : ظلمة الليل ، وظلمة الخطأ والضلال ، وظلمة الأرض أو الماء . وقوله : قَدْ فَصّلْنَا الاَياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يقول قد ميزنا الأدلة وفرّقنا الحجج فيكم وبيناها أيها لناس ليتدبرها أولو العلم بالله منكم ويفهمها أولو الحجاج منكم ، فينيبوا من جهلهم الذي هم عليه مقيمون ، وينزجروا عن خطأ فعلهم الذي هم عليه ثابتون ، ولا يتمادوا عناداً للّه مع علمهم بأن ما هم عليه مقيمون خطأ في غيهم .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : وَهُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمْ النّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ والبَحْرِ قال : يضلّ الرجل وهو في الظلمة والجور عن الطريق .