التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

ثم ختم - سبحانه - هذه القصة البديعة ، ببيان ما فعله سليمان بالعرش ، وبما قاله لملكة سبأ بعد أن قدمت إليه ، وبما انتهى إليه أمرها ، فقال - تعالى - : { قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا . . . } .

قوله : { نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا } من التنكير الذى هو ضد التعريف ، وهو جعل الشىء على هيئة تخالف هيئته السابقة حتى لا يعرف .

أى : قال سليمان لجنوده ، بعد أن استقر عنده عرش بلقيس : غيروا لهذه الملكة عرشها ، كأن تجعلوا مؤخرته فى مقدمته ، وأعلاه أسفله .

وافعلوا ذلك لكى { نَنظُرْ } ونعرف { أتهتدي } إليه بعد هذا التغيير ، أو إلى الجواب اللائق بالمقام عندما تسأل { أَمْ تَكُونُ مِنَ الذين لاَ يَهْتَدُونَ } إلى معرفة الشىء بعد تغيير معالمه المميزة له . أو إلى الجواب الصحيح عندما تسأل عنه .

فالمقصود بتغيير هيئة عرشها : اختبار ذكائها وفطنتها ، وحسن تصرفها ، عند مفاجأتها بإطلاعها على عرشها الذى خلفته وراءها فى بلادها . وإيقافها على مظاهر قدرة الله - تعالى - وعلى ما وهبه لسليمان - عليه السلام - من معجزات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

لما جيء سليمان ، عليه السلام ، بعرش بلقيس قبل قدومها ، أمر به أن يغير بعض صفاته ، ليختبر معرفتها وثباتها عند رؤيته ، هل تقدم على أنه عرشها أو أنه ليس به ، فقال : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ } .

قال ابن عباس : نزع عنه فصوصه ومرافقه .

وقال مجاهد : أمر به فغير ما كان أحمر جعل أصفر ، وما كان أصفر جعل أحمر : وما كان أخضر جعل أحمر ، غَيَّر كل شيء عن حاله .

وقال عكرمة : زادوا فيه ونقصوا .

[ وقال قتادة : جعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره ، وزادوا فيه ونقصوا ]{[22052]} .


[22052]:- زيادة من ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

{ قال نكروا لها عرشها } بتغيير هيئته وشكله . { ننظر } جواب الأمر ، وقرئ بالرفع على الاستئناف . { أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون } إلى معرفته أو الجواب الصواب ، وقيل إلى الإيمان بالله ورسوله إذا رأت تقدم عرشها وقد خلفته مغلقة عليه الأبواب موكلة عليها الحراس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ} (41)

هذا من جملة المحاورة التي جرت بين سليمان عليه السلام وبين ملئه ، ولذلك لم يعطف لأنه جرى على طريقة المقاولة والمحاورة .

والتنكير : التغيير للحالة . قال جميل :

وقالوا نراها يا جميلُ تنكّرت *** وغيرها الواشي فقلت : لعلها

أراد : تنكرت حالة معاشرتها بسبب تغيير الواشين ، بأن يغير بعض أوصافه ، قالوا : أراد مفاجأتها واختبار مظنتها .

والمأمور بالتنكير أهل المقدرة على ذلك من ملئه .

و { من الذين لا يهتدون } أبلغ في انتفاء الاهتداء من : لا تهتدي ، كما تقدم في نظائره غير مرة .