التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

وقوله : { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُواْ إِذاً أَبَداً } تعليل للأمر والنهى السابقين .

أى : قولوا لمن تختارونه لشراء طعامكم من المدينة : عليه أن يتخير أزكى الطعام ، وعليه كذلك أن لا يخبر أحدا بأمركم من أهل المدينة ، لأنهم { إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أى : يطلعوا عليكم . أو يظفروا بكم .

وأصل معنى ظهر . أى : صار على ظهر الأرض . ولما كان ما عليها مشاهدا متمكنا منه ، استعمل تارة فى الاطلاع ، وتارة فى الظفر والغلبة ، وعدى بعلى .

{ يرجموكم } أى إن يعرفوا مكانكم ، يرجموكم بالحجارة حتى تموتوا { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } الباطلة التى نجاكم الله - تعالى - منها .

{ وَلَن تُفْلِحُواْ إِذاً أَبَداً } أى : وإن عدتم إليها بعد إذ نجاكم الله - تعالى - منها وعصمكم من اتباعها ، فلن تفلحوا إذا أبدا ، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة .

وهكذا نجد هاتين الآيتين تصوران لنا بأسلوب مؤثر بليغ حال الفتية وهم يتناجون فيها بينهم ، بعد أن استيقظوا من رقادهم الطويل .

ونراهم فى تناجيهم - بعد أن تركوا الحديث عن المدة التى لبثوها فى نومهم - نراهم حذرين خائفين ، ولا يدرون أن الأعوام قد كرت . وأن عجلة الزمن قد دارت ، وأن أجيالا قد تعاقبت ، وأن مدينتهم التى يعرفونها قد تغيرت معالمها . وأن أعداءهم الكافرين قد زالت دولتهم .

ثم تمضى السورة الكريمة لتحدثنا عن مشهد آخر من أحوال هؤلاء الفتية . مشهد تتجلَّى فيه قدرة الله - تعالى - على أبلغ وجه ، كما تتجلى فيه حكمته ووحدانيته ، استمع إلى القرآن الكريم وهو يحدثنا عن ذلك فيقول : { وَكَذلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُواْ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ابْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

{ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ } أي : إن علموا بمكانكم ، { يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } يعنون أصحاب دقيانوس ، يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم ، فلا يزالون يعذبونهم{[18058]} بأنواع العذاب إلى أن يعيدوهم{[18059]} في ملتهم التي هم عليها أو يموتوا ، وإن واتَوهم على العود{[18060]} في الدين فلا فلاح لكم{[18061]} في الدنيا ولا في الآخرة ، ولهذا قال{[18062]} { وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا } .


[18058]:في ف: "يزالون يعذبونكم".
[18059]:في ف: "يعيدوكم".
[18060]:في ف: "وافوهم على العودة".
[18061]:في ت، ف: "لهم".
[18062]:في ف: "قالوا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

{ إنهم إن يظهروا عليكم } أي يطلعوا عليكم أو يظفروا بكم ، والضمير للأهل المقدر في { أيها } . { يرجموكم } يقتلوكم بالرجم . { أو يعيدوكم في ملّتهم } أو يصيروكم إليها كرها من العود بمعنى الصيرورة . وقيل كانوا أولا على دينهم فآمنوا . { ولن تفلحوا إذاً أبدا } إن دخلتم في ملتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (20)

والضمير في { إنهم } عائد على الكفار ، آل دقيوس ، و { يظهروا عليكم } معناه يثقفوكم بعلوهم وغلبتهم ، وقولهم { يرجموكم } قال الزجاج معناه بالحجارة .

قال القاضي أبو محمد : وهو الأصح ، لأنه كان عازماً على قتلهم لو ظفر بهم ، و «الرجم » فيما سلف هي كانت على ما ذكر قتلة مخالف دين الناس ، إذ هي أشفى لحملة ذلك الدين ، ولهم فيها مشاركة ، وقال حجاج ، { يرجموكم } معناه بالقول ، وباقي الآية بين .