التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

ثم بين - سبحانه - موقف أهل الكتاب من دعوة عيسى - عليه السلام - فقال { فاختلف الأحزاب مِن بَيْنِهِمْ } .

والأحزاب : جمع حزب ، والمراد بهم الفرق التى تحزبت وتجمعت على الباطل من بعد عيسى .

وضمير الجمع فى قوله { مِن بَيْنِهِمْ } يعود إلى من بعث إليهم عيسى - عليه السلام - من اليهود والنصارى .

وقيل : يعود إلى النصارى خاصة ، لأنهم هم الذين اختلفوا فى شأنه ، فمنهم من قال : هو الله ومنهم من قال : هو ابن الله . ومنهم من قال : ثالث ثلاثة .

قال الآلوسى : قوله : { فاختلف الأحزاب } أى : الفرق المتحزبة { مِن بَيْنِهِمْ } أى : من بين من بعث إليهم ، وخاطبهم بما خاطبهم من اليهود والنصارى وهم أمة دعوته - عليه السلام - .

وقيل : المراد النصارى ، وهم أمة إجابته ، وقد اختلفوا فرقا : ملكانية ، ونسطورية ، ويعقوبية .

وقوله - تعالى - : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } بيان للعقاب الشديد الذى أعده الله - تعالى - لهم ، بسبب اختلافهم وبغيهم ، ونسبتهم إلى عيسى ما هو برئ منه .

أى : فهلاك وعذاب شديد للذين ظلموا أنفسهم بالكفر ، وبافترائهم على عيسى - عليه السلام - ، وما أشد حسرتهم فى هذا اليوم العصيب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

وقوله : { فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ } أي : اختلفت الفرق وصاروا شيعا فيه ، منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله - وهو الحق - ومنهم من يدعي أنه ولد الله ، ومنهم من يقول : إنه الله - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - ولهذا قال : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ }

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لّلّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ السّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } .

اختلف أهل التأويل في المعنيين بالأحزاب ، الذين ذكرهم الله في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عنى بذلك : الجماعة التي تناظرت في أمر عيسى ، واختلفت فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : فاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهمْ قال : هم الأربعة الذين أخرجهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى . وقال آخرون : بل هم اليهود والنصارى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ قال : اليهود والنصارى .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : معنى ذلك : فاختلف الفِرَق المختلفون في عيسى بن مريم من بين من دعاهم عيسى إلى ما دعاهم إليه من اتقاء الله والعمل بطاعته ، وهم اليهود والنصارى ، ومن اختلف فيه من النصارى ، لأن جميعهم كانوا أحزابا مبتسلين ، مختلفي الأهواء مع بيانه لهم أمر نفسه ، وقوله لهم : إنّ الله هُوَ رَبّي وَرَبّكُمْ فاعْبَدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ .

وقوله : فَوَيْلٌ لِلّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَاب يَوْم ألِيمٍ يقول تعالى ذكره فالوادي السائل من القيح والصديد في جهنم للذين كفروا بالله ، الذين قالوا في عيسى بن مريم بخلاف ما وصف عيسى به نفسه في هذه الاَية مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ ألِيمٍ يقول : من عذاب يوم مؤلم ، ووصف اليوم بالإيلام ، إذ كان العذاب الذي يؤلمهم فيه ، وذلك يوم القيامة . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ ألِيمٍ قال : من عذاب يوم القيامة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

و : { الأحزاب } المذكورون : قال جمهور المفسرين أراد : اختلف بنو إسرائيل وتحزبوا ، فمنهم من آمن به ، وهو قليل ، وكفر الغير ، وهذا إذا كان معهم حاضراً . وقال قتادة : { الأحزاب } هم الأربعة الذين كان الرأي والمناظرة صرفت إليهم في أمر عيسى عليه السلام . وقال ابن حبيب وغيره : { الأحزاب } النصارى افترقت مذاهبهم فيه بعد رفعه عليه السلام ، فقالت فرقة : هو الله ، وهم اليعقوبية قال الله عز وجل : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } [ المائدة : 17 ] . وقالت فرقة : هو ابن الله ، وهم النسطورية قال الله تعالى فيهم : { وقالت النصارى المسيح ابن الله } [ التوبة : 30 ] ، وقالت فرقة : هو ثالث ثلاثة ، وهم الملكانية قال الله تعالى فيهم : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } [ المائدة : 73 ] .

وقوله تعالى : { من بينهم } بمعنى من تلقائهم ومن أنفسهم ثار شرهم ، ولم يدخل عليهم الاختلاف من غيرهم .