الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

ثم قال تعالى : { فاختلف الأحزاب من بينهم } .

قال قتادة : الأحزاب هنا ، هم الأربعة الذين أخرجهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى{[61761]} .

ذكر ابن حبيب{[61762]} أن النصارى افترقت في عيسى بعد رفعه على ثلاث{[61763]} فرق : فرقة قالت : هو الله ، هم اليعقوبية{[61764]} قال الله عنهم :

{ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم }{[61765]} .

وفرقة ثانية قالت : هو ابن الله ، وهم النسطورية{[61766]} . وهم الذين قال الله فيهم : { وقالت النصارى المسيح ابن الله }{[61767]} .

وفرقة ثالثة قالت : هم ثلاثة : الله إله{[61768]} ، وعيسى إله{[61769]} ، وأمه إله{[61770]} وهم الملكانية{[61771]} . وهم الذي قال الله فيهم : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة }{[61772]} .

فالنصارى فيه إلى اليوم على هذه الثلاث فرق . وكانوا فيه – إذ{[61773]} كان بين أظهرهم – على فرقتين : فرقة آمنت{[61774]} به ، وفرقة كفرت به – وهم الأكثر{[61775]} – ثم{[61776]} لما رفع اختلفوا / فيه على هذه الأقوال الثلاثة .

وقال السدي : ( الأحزاب : اليهود والنصارى ){[61777]} .

ومعنى من بينهم ، أي : من بين من دعاهم عيسى إلى ما دعاهم إليه من اتقاء الله والعمل بطاعته .

ثم قال : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } أي : فالوادي السائل من القيح والصديد في جهنم للذين كفروا بالله من عذاب يوم أليم ، وهو يوم القيامة .


[61761]:انظر جامع البيان 25/56، والمحرر الوجيز 4/272.
[61762]:هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان الإلبيري القرطبي، أبو مروان، عالم الأندلس وفقيهها في عصره، سكن قرطبة وتوفي بها سنة 238 هـ. كان عالما بالتاريخ والأدب، وأحد أعلام المذهب المالكي. انظر إنباه الرواة 2/206 ت 409، وبغية الوعاة 2/109 ت 1565، والأعلام 4/157.
[61763]:في طرة (ت).
[61764]:اليعقوبية: فرقة مسيحية تنسب إلى يعقوب البرذعاني الراهب بالقسطنطينية وقد عاش اليعاقبة في مصر والنوبة والحبشة. ويتلخص مذهبهم في القول بأن المسيح هو الله – تعالى عن ذلك علوا كبيرا – وأنه مات وصُلِتَ وقُتِلَ وأن العالم بقي بلا مدبر ثلاثة أيام، ثم قال ورجع كما كان، وأن الله – تعالى عما يقولون – عاد محدثا، وأن المحدث عاد قديما سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. انظر الفصل في الملل 1/111، والملل والنخل 1/225.
[61765]:المائدة آية 19.
[61766]:والنسطورية فرقة مسيحية منسوبة إلى نسطوك بطريرك القسطنطينية. قالوا إن الله عبارة عن ثلاثة أشياء: أب وابن، وروح القدس، كلها لم تزل. وأن عيسى عليه السلام إله تام كله، وإنسان تام كله، ليس أحدهما غير الآخر، وأن الإنسان منه هو الذي صلب وقتل، وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك، وأن مريم لم تلد الإله وإنما ولدت الإنسان، وأن الله تعالى لم يلد الإنسان ولد الإله. تعالى الله عن بهتانهم وكفرهم علوا كبيرا. انظر الفصل في الملل 1/111، والملل والنحل 1/255.
[61767]:التوبة آية 30.
[61768]:(ت): الله.
[61769]:(ت): الله.
[61770]:(ت): الله.
[61771]:الملكانية فرقة مسيحية تنسب إلى ملك الذي كان بأرض الروم وهي مذهب معظم النصارى، قالوا مثل ما قالت النسطورية إلا قولهم: إن مريم ولد الإله والإنسان وأنهما معا شيء واحد، ابن الله. انظر الفصل في الملل 1/110، والملل والنحل 1/255.
[61772]:المائدة آية 75.
[61773]:(ت): اذا.
[61774]:ساقط من (ح).
[61775]:(ح): أكثر.
[61776]:(ح): (وهم).
[61777]:انظر جامع البيان 25/56، وجامع القرطبي 16/109.