التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا} (27)

ثم صور - سبحانه - ما سيكون عليه الكافرون يوم القيامة من حسرة وندامة تصويرا بليغا مؤثرا فقال : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ يَقُولُ ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً ياويلتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } .

وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات أن عقبة بن أبى معيط دعا النبى صلى الله عليه وسلم لحضور طعام عنده ، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم لا آكل من طعامك حتى تنطق بالشهادتين . فنطق بهما . فبلغ ذلك صديقه أمية بن خلف ، فقال له : يا عقبة بلغني أنك أسلمت . فقال له : لا . ولكن قلت ما قلت تطييبا لقلب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يأكل من طعامي . فقال له : كلامك علي حرام حتى تفعل كذا وكذا بمحمد صلى الله عليه وسلم ففعل الشقي ما أمره به صديقه الذى لا يقل شقاوة عنه .

أما عقبة فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتله فى غزوة بدر وأما أبي بن خلف فقد طعنه النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد طعنة لم يبق بعدها سوى زمن يسير ثم هلك .

وعلى اية حال فإن الآيات وإن كانت قد نزلت فى هذين الشقيين . فإنها تشمل كل من كان على شاكلتهما فى الكفر والعناد ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

وعض اليدين كناية عن شدة الحسرة والندامة والغيظ ، لأن النادم ندما شديدا ، يعض يديه . وليس أحد أشد ندما يوم القيامة من الكافرين .

قال - تعالى - : { وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ . . . } والمعنى : واذكر - أيها العاقل - يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء ، يوم يعض الظالم على يديه من شدة غيظه وندمه وحسرته .

ويقول فى هذا اليوم { ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً } .

أى : يا ليتنى سلكت معه طريق الحق الذى جاء به ، واتبعته فى كل ما جاء به من عند ربه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا} (27)

وقوله : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا } : يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول وما جاء به من عند الله من الحق المبين ، الذي لا مرْية فيه ، وسلك طريقا أخرى غير سبيل الرسول ، فإذا كان يوم القيامة نَدمَ حيثُ لا ينفعه النَدَمُ ، وعضّ على يديه حسرةً وأسفا .

وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي مُعَيط أو غيره من الأشقياء ، فإنها عامة في كل ظالم ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } [ الأحزاب : 66 - 68 ] فكل{[21505]} ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم ، ويَعَض على يديه قائلا { يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا } .


[21505]:- في ف ، أ : "وكل".