نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا} (27)

ولما كان حاصل حالهم أنهم جانبوا أشرف الخلق الهادي لهم إلى كل خير ، وصاحبوا غيره ممن يقودهم إلى كل شر ، بين عسر ذلك اليوم الذي إنما أوجب جرأتهم تكذيبهم به بتناهي ندمهم على فعلهم هذا فقال : { ويوم يعض الظالم } أي لفرط تأسفه لما يرى فيه من الأهوال { على يديه } أي كلتيهما فيكاد يقطعهما لشدة حسرته وهو لا يشعر ، حال كونه مع هذا الفعل { يقول } أي يجدد في كل لحظة قوله : { يا ليتني اتخذت } أي أرغمت نفسي وكلفتها أن آخذ في الدنيا { مع الرسول سبيلاً* } أي عملاً واحداً من الأعمال التي دعاني إليها ، وأطعته طاعة ما ، لما انكشف لي في هذا اليوم من أن كل من أطاعه ولو لحظة حصلت له سعادة بقدرها ، وعض اليد والأنامل وعرق الأسنان ونحو ذلك كناية عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفهما ، فتذكر الرادفة دلالة على المردوف فيرتفع الكلام في طبقة الفصاحة إلى حد يجد السامع عنده في نفسه من الروعة والاستحسان ما لا يجده عند المكنى عنه .