بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا} (27)

قوله عز وجل : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ } يعني : عقبة بن أبي معيط ، وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً ، وكان يدعو إلى الطعام من أهل مكة من أحب وأراد ، وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعجبه حديثه ، فقدم ذات يوم من سفره ، وصنع طعاماً ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدم الطعام إليه أبى أن يأكل ، وقال : ما أنا بالذي آكل من طعامك ، حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وكان عندهم من العار أن يخرج أحدهم قبل أن يأكل من الطعام شيئاً ، فألح عليه أن يأكل ، فلم يأكل ، فشهد بذلك عقبة ، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من طعامه ، وكان أبيُّ بن خلف الجمحي غائباً ، وكان خليله ، فلما قدم أخبر ذلك ، فأتاه فقال : صبوت يا عقبة . فقال : لا والله ما صبوت ، ولكن دخل علي رجل ، فأبى أن يأكل من طعامي ، إلا أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم ، فشهدت فطعم . فقال له : ما أنا بالذي أرضى عنك أبداً حتى تأتيه ، فتبزق في وجهه ، وتشتمه وتكذبه ، ففعل ذلك . فنزلت هذه الآية : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم } يعني : عقبة على يديه يعني : على أنامله .

وروي عن أنس بن مالك أنه قال : يعض عقبة بن أبي معيط على يديه يوم القيامة ، يأكل لحم يديه حتى يبلغ العضد من الندامة ، وهو { يَقُولُ يا ليتنى **اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً } يعني : اتخذت طريق الهدى ، وكنت معه على الإسلام