التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا} (27)

قوله : ( ويوم يعض الظالم على يديه ) ( يعض ) بفتح العين ، وهو مضارع عضّ ، من العض . وهو كناية عن شدة الغيظ والحسرة{[3315]} وقيل : مجاز ، عبّر به عن التحير والاغتمام والندم والتفجع من شدة ما يجده من الأهوال . واللام في الظالم للعهد ، والمراد به عقبة بن أبي مُعيط . هذا التاعس الظلوم الذي آذى رسول الله ( ص ) أشد إيذاء فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام : " لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف " فقتل يوم بدر صبرا ؛ إذ أمر عليا فضرب عنقه .

وقيل : اللام للجنس ، ليشمل اللفظ عموما الظالم . فأيما مشرك زاغ عن طريق الله واستنكف عن منهجه الحكيم العدل فقد ظلم نفسه وهو من الظالمين . وكذلك الذي يوشك أن يهتدي ويجنح إلى الإسلام ثم يفتنه غيره من المجرمين المضلين ليغويه ويضله عن الحق ؛ فإنه في زمرة النادمين يوم القيامة الذين يعضون على أيدهم من فرط ما يجدونه من شديد الحسرة والحزن والندم والخسران .

قوله : ( يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) الجملة في موضع الحال ؛ أي قائلا يا ليتني . والمعنى : أن الظالم الذي خسر نفسه يوم القيامة وأيقن أنه من أهل النار ، يتمنى حينئذ لو سلك طريق الرسول ( ص ) وهو الإسلام فيكون مع المفلحين الآمنين الذين يصيرون إلى السلامة والنجاة . وهذه هي حال الأشقياء الخاسرين يوم القيامة الذين غرتهم الحياة الدنيا بلذائذها وزخارفها ، وغرهم الشيطان من الجن والإنسان ؛ إذ سوّل لهم الكفران والعصيان وفعل المنكرات .


[3315]:- الدر المصون جـ8 ص 478.