التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

ثم انتقل صاحب الجنتين من غروره هذا إلى غرور أشد . حكاه القرآن فى قوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } .

أى : أن هذا الكافر لم يكتف بتطاوله على صاحبه المؤمن ، بل سار به نحو جنته حتى دخلها وهو ظالم لنفسه بسبب كفره وجحوده وغروره .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فلم أفرد الجنة بعد التثنية ؟ قلتُ : معناه ودخل ما هو جنته ، ماله جنة غيرها : يعنى أنه لا نصيب له فى الجنة التى وعدها الله للمؤمنين ، فما ملكه فى الدنيا هو جنته لا غير ، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما .

وقوله { وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } أى : وهو معجب بما أوتى مفتخر به ، كافر لنعمة ربه ، معرض بذلك نفسه لسخط الله ، وهو أفحش الظلم . . .

وقوله : { قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً } أى : قال هذا الكافر لصاحبه : ما أظن أن هذه الجنة تفنى أو تهلك أبدا .

يقال : باد الشئ يبِيدُ بَيْدا وبُيُودًا : إذا هلك وفنى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

28

( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه . قال : ما أظن أن تبيد هذه أبدا )

ثم يخطو بصاحبه إلى إحدى الجنتين ، وملء نفسه البطر ، وملء جنبه الغرور ؛ وقد نسي الله ، ونسي أن يشكره على ما أعطاه ؛ وظن أن هذه الجنان المثمرة لن تبيد أبدا ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

وقوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } أي : بكفره وتمرده وتكبره وتجبره وإنكاره المعاد { قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا } وذلك اغترار منه ، لما رأى فيها{[18176]} من الزروع والثمار والأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها ، ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف{[18177]} وذلك لقلة عقله ، وضعف يقينه بالله ، وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها ، وكفره بالآخرة{[18178]} ؛

35


[18176]:في ف: "فيهما".
[18177]:في ت: "و لايسلم".
[18178]:في ت: "بالأخرى".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

أفرد الجنة من حيث الوجود كذلك ، إذ لا يدخلهما معاً في وقت واحد ، و «ظلمه لنفسه » : كفره وعقائده الفاسدة في الشك في البعث ، فقد نص على ذلك قتادة وابن زيد ، وفي شكه في حديث العالم إن كانت إشارته ب { هذه } إلى الهيئة من السماوات والأرض وأنواع المخلوقات ، وإن كانت إشارته إلى جنته فقط ، فإنما في الكلام تساخف واغترار مفرط وقلة تحصيل ، وكأنه من شدة العجب بل والسرور أفرط في وصفها بهذا القول .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

جملة { ودخل جنته } في موضع الحال من ضمير { قال } ، أي قال ذلك وقد دخل جنته مرافقاً لصاحبه ، أي دخل جنته بصاحبه ، كما يدل عليه قوله : { قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً } ، لأن القول لا يكون إلا خطاباً لآخر ، أي قال له ، ويدل عليه أيضاً قوله : { قال له صاحبه وهو يحاوره } [ الكهف : 37 ] . ووقوع جواب قوله : { أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } في خلال الحوار الجاري بينهما في تلك الجنة .

ومعنى { وهو ظالم لنفسه } وهو مشرك مكذب بالبعث بطر بنعمة الله عليه .

وإنما أفرد الجنة هنا وهما جنتان لأن الدخول إنما يكون لإحداها لأنه أول ما يدخل إنما يدخل إحداهما قبل أن ينتقل منها إلى الأخرى ، فما دخل إلا إحدى الجنتين .

والظن بمعنى : الاعتقاد ، وإذا انتفى الظن بذلك ثبت الظن بضده .

وتبيد : تهلك وتفنى .

والإشارة بهذا إلى الجنة التي هما فيها ، أي لا أعتقد أنها تنتقض وتضمحل .

والأبَد : مراد منه طول المدة ، أي هي باقية بقاء أمثالها لا يعتريها ما يبيدها . وهذا اغترار منه بغناه واغترار بما لتلك الجنة من وثوق الشجر وقوته وثبوته واجتماع أسباب نمائه ودوامه حولَه ، من مياه وظلال .