قوله : { جَنَّتَهُ } : إنما أفرد بعد ذكر التثنية ؛ اكتفاء بالواحد للعلمِ بالحال ، قال أبو البقاء{[21060]} : كما اكتفي بالواحد عن الجمع في قول الهذليِّ : [ الكامل ]
فَالعيْنُ بَعدهُم كَأنَّ حِداقهَا *** سُمِلتْ بِشوْكٍ فهي عُورٌ تَدْمَعُ{[21061]}
ولقائلٍ أن يقول : إنما يجوز ذلك ؛ لأنَّ جمع التكسير يجري مجرى المؤنَّثة ، فالضمير في " سُمِلَتْ " وفي " فهي " يعود على الحداقِ ، لا على حدقةٍ واحدة ، كما يوهم .
وقال الزمخشري : " فإن قلت : لم أفرد الجنَّة ، بعد التثنية ؟ قلت : معناه : ودخل ما هو جنَّتهُ ، ما له جنة غيرها ، بمعنى : أنه ليس له نصيب في الجنة الَّتي وعد المتَّقون ، فما ملكه في الدنيا ، فهو جنَّته ، لا غير ، ولم يقصد الجنتين ، ولا واحدة منهما " .
قال أبو حيان : " ولا يتصوَّر ما قال ؛ لأنَّ قوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } إخبار من الله تعالى بأنَّ هذا الكافر دخل جنَّته ، فلابدَّ أن قصد في الإخبار : أنه دخل إحدى جنتيه ؛ إذ لا يمكن أن يدخلهما معاً في وقتٍ واحدٍ " . قال شهاب الدين : من ادَّعى دخولهما في وقتٍ واحدٍ ، حتَّى يلزمه بهذا المستحيلِ في البداية ؟ وأمَّا قوله " ولم يقصد الجنَّتين ، ولا واحدة " معناه : لم يقصد تعيين مفردٍ ، ولا مثنى ، لا أنه لم يقصد الإخبار بالدخول .
وقال أبو البقاء{[21062]} : " إنما أفرد ؛ لأنَّهما جميعاً ملكهُ ، فصارا كالشيء الواحد " .
قوله : " وهُو ظَالِمٌ " حال من فاعل " دَخلَ " ، وقوله " لنَفْسهِ " مفعول " ظَالِمٌ " واللام مزيدة فيه ؛ لكون العامل فرعاً .
قوله : " { مَآ أَظُنُّ } فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون مستأنفاً بياناً لسبب الظلم .
والثاني : أن يكون حالاً من الضَّمير في " ظَالِمٌ " ، أي : وهو ظالمٌ في حال كونه قائلاً .
قوله : " أنْ تَبِيدَ " أي : تهلك ، قال : [ المقتضب ]
فَلئِنْ بَادَ أهْلهُ *** لبِما كَانَ يُوهَلُ{[21063]}
ويقال : بَادَ يَبيدُ بُيُوداً وبَيْدُودة ، مثل " كَيْنُونة " والعمل فيها معروفٌ ، وهو أنه حذفت إحدى الياءين ، ووزنها فيعلولة .
قوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } يعني الكافر آخذاً بيد صاحبه المسلم يطوف به فيها ، ويريه بهجتها وحسنها ، وأخبره بصنوف ما يملكه من المال { وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } بكفره ، وهذا اعتراضٌ وقع في أثناء الكلام ، والمعنى أنه لمَّا اغترَّ بتلك النِّعم ، وتوسَّل بها إلى الكفران والجحود ؛ لقدرته على البعث ، كان واضعاً لتلك النِّعم في غير موضعها ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.