التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

ثم أكد - سبحانه - هذا التحذير بقوله : { إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ } يا بنى آدم ، عداوة قيدمة وباقية إلى يوم القيامة .

وما دام الأمر كذلك { فاتخذوه عَدُوّاً } أى : فاتخذوا أنتم عدوا لكم فى عقائدكم .

وفى عباداتكم . وفى كل أحوالكم ، بأن تخالفوا وسوسته وهمزاته وخطواته . .

وقوله : { إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السعير } تقرير وتأكيد لهذه العداوة .

أى : اتخذوا - يا بنى آدم - الشيطان عدوا لكم ، لأنه لا يدعو أتباعه ومن هم من حزبه إلى خير أبدا ، وإنما يدعوهم الى العقائد الباطلة . والأقوال الفاسدة . والأفعال القبيحة التى تجعلهم يوم القيامة من أهل النار الشديدة الاشتعال . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

4

ويهتف بالناس :

( يا أيها الناس إن وعد الله حق . فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا يغرنكم بالله الغرور . إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً . إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) . .

إن وعد الله حق . . إنه آت لا ريب فيه . إنه واقع لا يتخلف . إنه حق والحق لا بد أن يقع ، والحق لا يضيع ولا يبطل ولا يتبدد ولا يحيد . ولكن الحياة الدنيا تغر وتخدع . ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) . ولكن الشيطان يغر ويخدع فلا تمكنوه من أنفسكم ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) . . والشيطان قد أعلن عداءه لكم وإصراره على عدائكم ( فاتخذوه عدواً )لا تركنوا إليه ، ولا تتخذوه ناصحاً لكم ولا تتبعوا خطاه ، فالعدو لا يتبع خطى عدوه وهو يعقل ! وهو لا يدعوكم إلى خير ، ولا ينتهي بكم إلى نجاة : ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) ! فهل من عاقل يجيب دعوة الداعي إلى عذاب السعير ? !

إنها لمسة وجدانية صادقة . فحين يستحضر الإنسان صورة المعركة الخالدة بينه وبين عدوه الشيطان ، فإنه يتحفز بكل قواه وبكل يقظته وبغريزة الدفاع عن النفس وحماية الذات . يتحفز لدفع الغواية والإغراء ؛ ويستيقظ لمداخل الشيطان إلى نفسه ، ويتوجس من كل هاجسة ، ويسرع ليعرضها على ميزان الله الذي أقامه له ليتبين ، فلعلها خدعة مستترة من عدوه القديم !

وهذه هي الحالة الوجدانية التي يريد القرآن أن ينشئها في الضمير . حالة التوفز والتحفز لدفع وسوسة الشيطان بالغواية ؛ كما يتوفز الإنسان ويتحفز لكل بادر ة من عدوه وكل حركة خفية ! حالة التعبئة الشعوريه ضد الشر ودواعيه ، وضد هواتفه المستسرة في النفس ، وأسبابه الظاهرة للعيان . حالة الاستعداد الدائم للمعركة التي لا تهدأ لحظة ولا تضع أوزارها في هذه الأرض أبداً .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا }{[24455]} أي : هو مبارز لكم بالعداوة ، فعادوه أنتم أشد العداوة ، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به ، { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } أي : إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير ، فهذا هو العدو المبين . فنسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان{[24456]} ، وأن يرزقنا اتباع كتابه ، والاقتفاء بطريق رسوله ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير . وهذه كقوله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا } [ الكهف : 50 ] .

[ وقال بعض العلماء : وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول : إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم ، فكيف يحسن بكم أن توالوه ؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه ] . {[24457]}


[24455]:- في س بعدها : "إنما يدعو حزبه".
[24456]:- (6) في ت : "للشياطين".
[24457]:- (7) زيادة من ت، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الشّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السّعِيرِ } .

يقول تعالى ذكره : إنّ الشّيْطانَ الذي نهيتكم أيها الناس أن تغترّوا بغروره إياكم بالله لَكُمْ عَدُوّ فاتّخِذُوهُ عَدُوّا يقول : فأنزلوه من أنفسكم منزل العدوّ منكم ، واحذروه بطاعة الله واستغشاشكم إياه ، حذركم من عدوّكم الذي تخافون غائلته على أنفسكم ، فلا تطيعوه ولا تتّبعوا خطواته ، فإنه إنما يدعو حزبه ، يعني شيعته ، ومن أطاعه إلى طاعته والقبول منه ، والكفر بالله لِيَكُونُوا منْ أصحَابِ السّعِيرِ يقول : ليكونوا من المخلدين في نار جهنم التي تتوقد على أهلها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ الشّيْطانَ لَكُمْ عَدُوّ فاتّخِذُوهُ عَدُوّا فإنه لحقّ على كلّ مسلم عدواته ، وعدواته أن يعاديه بطاعة الله إنمَا يَدْعُو حِزْبَهُ وحزبه : أولياؤه لِيَكُونُوا مِنْ أصحَابِ السّعِيرِ : أي ليسوقهم إلى النار ، فهذه عداوته .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكونُوا مِنْ أصحَابِ السّعِيرِ وقال : هؤلاء حزبه من الإنس ، يقول : أولئك حزب الشيطان ، والحزب : ولاته الذين يتولاهم ويتولونه ، وقرأ : إنّ وَلِيّيَ اللّهُ الّذِي نَزّلَ الكِتابَ وَهوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

قوله تعالى : { إن الشيطان } الآية ، يقوي قراءة من قرأ «الغَرور » بفتح الغين ، وقوله { فاتخذوه عدواً } أي بالمباينة والمقاطعة والمخالفة له باتباع الشرع ، و «الحزب » الحاشية والصاغية{[9692]} ، واللام في قوله { ليكونوا } لام الصيرورة لأنه لم يدعهم إلى السعير إنما اتفق أن صار أمرهم عن دعائه إلى ذلك ، و { السعير } طبقة من طبقات جهنم وهي سبع طبقات .


[9692]:صياغة الرجل: خاصته الميالون لاتباعه.