البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

{ إن الشيطان لكم عدو } : عداوته سبقت لأبينا آدم ، وأي عداوة أعظم من أن يقول في بنيه : { لأغوينهم أجمعين } { ولأضلنهم } { فاتخذوه عدواً } : أي بالمقاطعة والمخالفة باتباع الشرع .

ثم بين أن مقصوده في دعاء حزبه إنما هو تعذيبهم في النار ، يشترك هو وهم في العذاب ، فهو حريص على ذلك أشد الحرص حتى يبين صدق قوله في : { فلأغوينهم } ، { ولأضلنهم } ، لأن الاشتراك فيما يسوء مما قد يتسلى به بخلاف المنفرد بالعذاب .

ثم ذكر الفريقين ، وما أعدّ لهما من العقاب والثواب .

وبدأ بالكفار لمجاورة قوله : { إنما يدعو حزبه } ، فاتبع خبر الكافر بحاله في الآخرة .

قال ابن عطية : واللام في ليكون لام الصيرورة ، لأنه لم يدعهم إلى السعير ، إنما اتفق أن صار أمرهم عن دعائه إلى ذلك . انتهى .

ونقول : هو مما عبر فيه عن السبب بما تسبب عنه دعاؤهم إلى الكفر ، وتسبب عنه العذاب .