التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

وقوله - سبحانه - { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السواء بِجَهَالَةٍ . . } بيان لسعة رحمته - سبحانه - بعباده ، ورأفته بهم .

والمراد بالجهالة : الجهل والسفه اللذان يحملان صاحبهما على ارتكاب ما لا يليق بالعقلاء ، وليس المراد بها عدم العلم .

قال مجاهد : كل من عصى الله - تعالى - عمدا أو خطأ فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته .

وقال ابن عطيه : الجهالة هنا بمعنى تعدي الطور ، وركوب الرأس : لا ضد العلم .

ومنه ما جاء في الخبر : " اللهم إنى أعوذ بك من أن أجهل ، أو يجهل علي " .

ومنه قول الشاعر :

ألا لا يجهلن أحد علينا . . . فنجهل فوق جهل الجاهلين

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

112

فمن تاب ممن عمل السوء بجهالة ولم يصر على المعصية ، ولم يلج فيها حتى يوافيه الأجل ؛ ثم أتبع التوبة القلبية بالعمل الصالح فإن غفران الله يسعه ورحمته تشمله . والنص عام يشمل التائبين العاملين من اليهود المذنبين وغيرهم إلى يوم الدين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

ثم أخبر تعالى تكرمًا وامتنانًا في حق العصاة المؤمنين : أن من تاب منهم إليه تاب عليه ، فقال : { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } ، قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل .

{ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا } ، أي : أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي ، وأقبلوا على فعل الطاعات ، { إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا } ، أي : تلك الفعلة والذلة ، { لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

تأويل قوله تعالى : { ثُمّ إِنّ رَبّكَ لِلّذِينَ عَمِلُواْ السّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوَاْ إِنّ رَبّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رّحِيمٌ * إِنّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الْدّنْيَا حَسَنَةً وَإِنّهُ فِي الاَخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ * ثُمّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتّبِعْ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنّمَا جُعِلَ السّبْتُ عَلَىَ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنّ رَبّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصّابِرينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مّمّا يَمْكُرُونَ * إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَواْ وّالّذِينَ هُم مّحْسِنُونَ }

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( 119 )

يقول تعالى ذكره : إن ربك للذين عصوا الله فجهلوا بركوبهم ما ركبوا من معصية الله ، وسَفُهوا بذلك ثم راجعوا طاعة الله والندم عليها ، والاستغفار والتوبة منها ، من بعد ما سلف منهم ما سلف من ركوب المعصية ، وأصلح فعمل بما يحبّ الله ويرضاه ، ( إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا ) ، يقول : إن ربك يا محمد من بعد توبتهم له ( لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

{ ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة } ، بسببها أو ملتبسين بها ليعم الجهل بالله وبعقابه وعدم التدبر في العواقب لغلبة الشهوة ، والسوء يعم الافتراء على الله وغيره . { ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها } ، من بعد التوبة . { لغفور } ، لذلك السوء . { رحيم } ، يثيب على الإنابة .