التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

وقوله - تعالى - : { وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى . . } كلام مستأنف مسوق لبيان سنة الله - تعالى - التى لا تتخلف فى المهتدين ، بعد بيان سنته فى الضالين .

أى : ويزيد الله - تعالى - المهتدين إلى طريق الحق هداية على هدايتهم ، بأن يثبتهم عليه ، كما قال - سبحانه - : { والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } وكما قال - عز وجل - : { هُوَ الذي أَنزَلَ السكينة فِي قُلُوبِ المؤمنين ليزدادوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ . . } وقوله - تعالى - : { والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } أى : والأعمال الباقيات الصالحات كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من أعمال البر ، خير عند ربك ثوابا وجزاء مما تمتع به الكفار فى دنياهم من شهوات { وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } أى : مرجعا وعاقبة .

وقال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قيل : خير عند ربك ثوابا ، كأن لمفاخراتهم ثوابا ، حتى يعل ثواب الصالحات خيرا منه ؟

قلت : كأنه قيل : ثوابهم النار على طريقة قوله : تحية بينهم ضرب وجيع ، ثم ينى عليه خير ثوابا ، وفيه ضرب من التهكم الذى هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له : عقابك النار . .

والخلاصة أنه لا ثواب لهؤلاء الكافرين سوى النار ، أما المؤمنون فثوابهم جنات تجرى من تحتها الأنهار .

وقال بعض العلماء : " ويظهر لى فى الآية جواب آخر أقرب من هذا ، وهو أن الكافر يجازى بعمله الصالح فى الدنيا ، فإذا بر والديه ، ونفس عن المكروب . . . فإن الله يثيبه فى الدنيا . فثوابه هذا الراجع إليه من عمله فى الدنيا ، هو الذى فضل عليه ثواب المؤمنين ، وهذا واضح لا إشكال فيه " .

وبذلك نرى الآيات الكريمة ، قد حكت جانبا من تباهى الكافرين بديناهم ، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

ويومئذ يفرح المؤمنون ويعتزون ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا )خير من كل ما يتباهى به أهل الأرض ويتيهون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

لما ذكر [ الله ]{[19102]} تعالى إمداد من هو في الضلالة فيما هو فيه وزيادته على ما هو عليه ، أخبر بزيادة المهتدين هُدى كما قال تعالى : { وَإِذَا مَا أُنزلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } [ التوبة : 124 ، 125 ] .

وقوله : { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ } قد تقدم تفسيرها ، والكلام عليها ، وإيراد الأحاديث المتعلقة بها في سورة " الكهف " .

{ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا } أي : جزاء { وَخَيْرٌ مَرَدًّا } أي : عاقبة ومردا على صاحبها .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا عمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فأخذ عودًا يابسًا فَحَطَّ ورقة ثم قال : " إن قول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، تحط الخطايا كما تحط ورق هذه الشجرة الريح{[19103]} ، خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن ، هن الباقيات الصالحات ، وهن{[19104]} من كنوز الجنة " قال أبو سلمة : فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحديث قال : لأهللنّ الله ، ولأكبرن الله ، ولأسبحن الله ، حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون{[19105]}

وهذا ظاهره{[19106]} أنه مرسل ، ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة ، عن أبي الدرداء ، والله أعلم . وهكذا وقع في سنن ابن ماجه ، من حديث أبي معاوية ، عن عُمر{[19107]} بن راشد ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي الدرداء ، فذكر نحوه{[19108]} .


[19102]:زيادة من ت.
[19103]:في أ: "كما يحط ورق هذا الشجر الريح".
[19104]:في أ: "وهو".
[19105]:تفسير عد الرزاق (2/12).
[19106]:في أ: "وهذا ظاهر".
[19107]:في ت: "عمرو".
[19108]:سنن ابن ماجه برقم (3813) وقال البوصيري في الزوائد (3/194): "هذا إسناد ضعيف".