الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

{ وَيَزِيدُ } معطوف على موضع ( فليمدد ) ؛ لأنه واقع موقع الخبر ، تقديره : من كان في الضلالة مدّ أو يمدّ له الرحمن . ويزيد : أي يزيد في ضلال الضالّ بخذلانه ، ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه { والباقيات الصالحا تُ } أعمال الآخرة كلها . وقيل : الصلوات . وقيل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، أي هي خَيْرٌ ثَوَاباً من مفاخرات الكفار { وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } أي مرجعاً وعاقبة ، أو منفعة ، من قولهم : ليس لهذا الأمر مردّ :

وَهَلْ يَرُدُّ بُكاى زَنْدَا ***

فإن قلت : كيف قيل خير ثواباً كأنّ لمفاخراتهم ثواباً ، حتى يجعل ثواب الصالحات خيراً منه ؟ قلت : كأنه قيل : ثوابهم النار . على طريقة قوله :

فَأَعْتَبُوا بِالصَّيْلَم ِ***

وقوله :

شَجْعَاءَ جِرَّتُهَا الذَّمِيلُ تَلُوكُهُ *** أُصُلاً إذَا رَاحَ الْمُطِيُّ عِرَاثَا

وقوله :

تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ ***

ثم بنى عليه خير ثواباً . وفيه ضرب من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له : عقابك النار .

فإن قلت : فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركاً فيه ؟ قلت : هذا من وجيز كلامهم ، يقولون : الصيف أحرّ من الشتاء ، أي : أبلغ [ في حَرِّه ] من الشتاء في برده .