غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

66

وحين بيّن حال أهل الضلال أراد أن يبين حال أهل الكمال فقال : { ويزيد الله الذين اهتدوا هدى } وذلك أن بعض الاهتداء يجر إلى البعض الآخر كالإيمان يجر إلى الإخلاص فيه كما أن بعض الغواية يجر إلى بعضها . ومنها من فسر الزيادة بالعبادات المرتبة على الإيمان . والواو في { ويزيد } للاستئناف . وقد تكلف جار الله فقال : إنه للعطف على معنى { فليمدد } أي يزيد في ضلال الضال بخذلانه ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه . وقد مر في سورة الكهف أن الباقيات الصالحات فسرها الأكثرون بجميع الأعمال الصالحات المؤدية إلى السعادات الباقيات . وفسرها بعضهم بما هي أعظم ثواباً منها كالصلوات الخمس وغيرها . وقوله : { خير } يقتضي غيراً يكون مشاركاً له في أصل الخيرية ويكون هذا خيراً منه ، فإن قدرنا ذلك شيئاً فيه خيرية كبعض الأعمال الدنيوية المباحة أو كسائر الأعمال الصالحة عند من يفسر الباقيات بمعنى الأخص فظاهر أنها خير { ثواباً وخير مرداً } أي مرجعاً وعاقبة أو منفعة من قولهم : " هل لهذا الأمر مرد " إن قدرنا ذلك شيئاً لا ثواب فيه ولا خيرية كما زعم جار الله أن المراد هي خير ثواباً من مفاخرات الكفار ، فيكون إطلاق الثواب على عقاب الكفار من قبيل التهكم ومن باب قولهم : " تحية بينهم ضرب وجيع " . ويكون وجه التفضيل في الخير ما قيل في قولهم : " الصيف أحر من الشتاء " أي هو أبلغ في حره من الشتاء في برده .

/خ98