فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

ثم لما أخبر سبحانه عن حال أهل الضلالة ، أراد أن يبين حال أهل الهداية فقال : { وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى } وذلك أن بعض الهدى يجرّ إلى البعض الآخر ، والخير يدعو إلى الخير وقيل : المراد بالزيادة : العبادة من المؤمنين ، والواو في { ويزيد } للاستئناف ، والجملة مستأنفة لبيان حال المهتدين وقيل : الواو للعطف على { فليمدد } وقيل : للعطف على جملة { من كان في الضلالة } .

قال الزجاج : المعنى أن الله يجعل جزاء المؤمنين أن يزيدهم يقيناً كما جعل جزاء الكافرين أن يمدّهم في ضلالتهم { والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا } هي الطاعات المؤدية إلى السعادة الأبدية ، ومعنى كونها خيراً عند الله ثواباً : أنها أنفع عائدة مما يتمتع به الكفار من النعم الدنيوية { وَخَيْرٌ مَرَدّاً } المردّ ها هنا مصدر كالردّ ، والمعنى : وخير مردّاً للثواب على فاعلها ليست كأعمال الكفار التي خسروا فيها ، والمردّ : المرجع والعاقبة والتفضل للتهكم بهم للقطع بأن أعمال الكفار لا خير فيها أصلاً .

/خ80