الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّـٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا} (76)

قوله : { وَيَزِيدُ اللَّهُ } : في هذه الجملةِ وجهان ، أحدهما : أنها لا مَحَلَّ لها لاستئنافِها ، فإنها سِيْقَتْ للإِخبار بذلك . وقال الزمخشري : " إنها معطوفةٌ على موضعِ " فَلْيَمْدُدْ " لأنه واقعٌ موقعَ الخبر ، تقديرُه : " مَنْ كان في الضلالة مَدَّ - أو يَمُدُّ - له الرحمنُ ويَزيدُ " . قال الشيخ : ولا يَصِحُّ أَنْ يكونَ " ويَزيدُ " معطوفاً على " فَلْيَمْدُدْ " سواءً كان دعاءً أم خبراً بصورةِ الأمر ؛ لأنه في موضع الخبرِ إنْ كانت " مَنْ " موصولةً ، أو في موضعِ الجوابِ إن كانت " مَنْ " شرطيةً ، وعلى كلا التقديرين فالجملةُ مِنْ قولِه : " ويزيدُ اللهُ الذين اهتدَوا هدىً عاريةٌ من ضميرٍ يعود على " مَنْ " يَرْبِطُ جملةَ الخبرِ بالمبتدأ ، أو جملةَ الشرطِ بالجزاء الذي هو " فَلْيَمْدُدْ " وما عُطِفَ عليه ؛ لأنَّ المعطوفَ على الخبر خبرٌ ، والمعطوفَ على جملةِ الجزاءِ جزاءٌ . وإذا كانت اداةُ الشرطِ اسماً لا ظرفاً تَعَيَّنَ أَنْ يكونَ في جملة الجزاءِ ضميرُه أو ما يقوم مَقامه ، وكذا في الجملةِ المعطوفةِ عليها " .

قلت : وقد ذكر أبو البقاء أيضاً كما ذكر الزمخشري . وقد يُجاب عمَّا قالاه : بأنَّا نختار على هذا التقدير أَنْ تكونَ " مَنْ " شرطيةً . قوله : " لا بُدَّ من ضميرٍ يعود على اسمِ الشرطِ غيرِ الظرف " ممنوعٌ لأنَّ فيه خلافاً قدَّمْتُ تحقيقَه وما يُسْتَدَلُّ به عليه في سورة البقرة . فقد يكون الزمخشريُّ وأبو البقاء من القائلين بأنه لا يُشْتَرَطُ .