التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

ثم بين - سبحانه - أن الأمر على عكس ما زعموه فقال : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } . أى : ليس الأمر - كما زعموا من أنهم يحملون خطايا المؤمنين ، بل الحق أن أئمة الكفر هؤلاء سيحملون خطاياهم كاملة غير منقصوة ، وسيحملون فوقها خطايا أخرى ، هى خطايا تسببهم فى إضلال غيرهم ، وصرفه عن الطريق الحق .

وعبر عن الخطايا بالأثقال ، للإِشعار بغاية ثقلها ، وفداحة حملها ، وعظم العذاب الذى يترتب عليها .

{ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القيامة } سؤال تأنيب وتوبيخ { عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أى : عما كانوا يختلقونه فى الدنيا من أكاذيب ، وأباطيل ، أدت بهم إلى سوء المصير .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } قال الإِمام ابن كثير : وفى الصحيح : " من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإِثم ، مثل آثام من اتبعه إلى يوم القيامة ، من غير أن ينقص من آثامهم شيئا " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وليحملنّ هؤلاء المشركون بالله القائلون للذين آمنوا به اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم أوزار أنفسهم وآثامها ، وأوزار من أضلوا وصدّوا عن سبيل الله مع أوزارهم ، وليسئلنّ يوم القيامة عما كانوا يكذّبونهم في الدنيا بوعدهم إياهم الأباطيل ، وقيلهم لهم : اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم فيفترون الكذب بذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَلَيَحْمِلُنّ أثْقالَهُمْ أي أوزارهم وأثْقالاً مَعَ أثْقالِهِمْ يقول : أوزار من أضلوا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَلَيَحْمِلُنّ أثْقالَهُمْ ، وأثْقالاً مَعَ أثْقالِهِمْ . وقرأ قوله : لِيَحْمِلُوا أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِيامَةِ ، وَمِنْ أوْزَارِ الّذِينَ يُضِلّونَهُمْ بغَيْرِ عِلْمٍ ألا ساءَ ما يَزِرُونَ قال : فهذا قوله وأثْقالاً مَعَ أثْقالِهِمْ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَيَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالٗا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَيُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (13)

بعد أن كذبهم في قولهم { ولنحمل خطاياكم } [ العنكبوت : 12 ] وكشف كيدهم بالمسلمين عطف عليه ما أفاد أنهم غير ناجين من حمل تبعات لأقوام آخرين وهم الأقوام الذين أضلوهم وسوَّلوا لهم الشرك والبهتان على وجه التأكيد بحملهم ذلك . فذِكر الحمل تمثيل . والأثقال مجاز عن الذنوب والتبعات . وهو تمثيل للشقاء والعناء يوم القيامة بحال الذي يحمل متاعه وهو موقر به فيزاد حمل أمتعة أناس آخرين .

وقد علم من مقام المقابلة أن هذا حمل تثقيل وزيادة في العذاب وليس حملاً يدفع التبعة عن المحمول عنه ، وأن الأثقال المحمولة مع أثقالهم هي ذنوب الذين أضلوهم وليس من بينها شيء من ذنوب المسلمين لأن المسلمين سالمون من تضليل المشركين بما كشف الله لهم من بهتانهم .

وجملة { وليسألُنّ يوم القيامة عما كانون يفترون } تذييل جامع لمؤاخذتهم بجميع ما اختلقوه من الإفك والتضليل سواء ما أضلوا به أتباعهم وما حاولوا به بتضليل المسلمين فلم يقعوا في أشراكهم ، وقد شمل ذلك كله لفظ الافتراء ، كما عبر عن محاولتهم تغرير المسلمين بأنهم فيه كاذبون .